جريدة
عمان 7
جمادى الأولى 1443هـ - 12 ديسمبر 2021م
المتقـاعـدون.. ثروة وطنية لمرحلة جديدة من العطاء
يدخل المتقاعد
مرحلة عمرية جديدة، بعد مروره بمراحل متعددة ومختلفة في حياته، فأصبح شخصا
شكلته التجارب، وجعلت منه كنزاً من الخبرة والمعرفة، ويشكل المتقاعدين شريحة
مهمة في المجتمع، فهم منجم خبرة وموارد بشرية متراكمة، عاصروا الأزمات
والمتغيرات في المجتمع، وأصبح لديهم إلمام بمواجهة مختلف التحديات لتحقيق
النجاحات.
وما نلاحظه في بعض الفئات من المتقاعدين هو شعورهم أنهم أصبحوا خارج نطاق
الحياة الفاعلة، فالبعض أصبح يشعر بالوحدة وفقدان الإنتاجية، وسط تمتعهم بخبرات
كبيرة! ويعتقد أن حياته أصبحت مملة وبالتالي تتحول حياته إلى عكس ما كانت عليه
قبل التقاعد، وتنشأ بداخله صورة سلبية.
وحسب آخر إحصائيات صندوق تقاعد الخدمة المدنية، كشفت الإحصائيات عن عدد
المتقاعدين حتى نهاية أكتوبر ٢٠٢١م البالغ عددهم ٥٣٤٦ متقاعدا ومتقاعدة، بينهم
٤٣٪ ذكور و٥٧٪ إناث، ومتوسط العمر عند انتهاء الخدمة ٤٨ سنة، ومتوسط مدة الخدمة
٢٤ سنة، وبلغ متوسط المعاش التقاعدي الشهري ٩٥٩ ريالا عمانيا.
هناك تجارب عالمية للاستفادة من خبرات المتقاعدين، من بينها التجربة الألمانية،
هناك هيئة تسمى «هيئة الخبراء المتقاعدين الألمان» مقرُّها مدينة بون أسست عام
2003 تضم أكثر من 5000 خبير ألماني يعملون على تقديم خبراتهم للصالح العام،
وتقديم المساعدة للشركات والمؤسسات والإدارات الرسمية في العالم الثالث في 93
دولة، أما اليابان فلها تجربة مثيرة في اهتمامها بالمتقاعدين، من خلال تنظيم
برامج اجتماعية واقتصادية تعتمد إضافتهم إلى المعادلة التنموية الشاملة في
مواقع متنوعة، وذلك بإعادة تعيينهم مستشارين في مؤسسات الحكومة والمجتمع المدني
والجمعيات الأهلية.
واستطلعت «عمان» تجارب مجموعة من الموظفين المتقاعدين للتعرف عن قرب على حياتهم
بعد التقاعد.
قال ناصر بن محمد النعماني: «تقاعدت من القطاع الحكومي بعد قضاء 20 سنة عمل
والآن أكملت 4 سنوات ونصف السنة بعد التقاعد. في اليوم التالي من التقاعد سافرت
لمدة شهر ونصف الشهر كمكافأة للذات وللشعور بالحرية والاستقلالية بعيداً عن
التزامات العمل الرسمية، وبعد شهور قليلة من التقاعد بدأت مشروع بسيط لاستغلال
وقت الفراغ ولتوفير مصدر دخل إضافي.»
السفر والترحال
وأضا النعماني: «قمت بتخصيص وقت للجلوس مع الأولاد والعائلة ووقت لزيارة
الأرحام والأقارب وأصدقاء الوالد -رحمه الله- بالإضافة إلى تخصيص أوقات لممارسة
رياضة المشي، وأوقات أخرى للجلوس مع الأصدقاء والزملاء، بالإضافة إلى جولات
سياحية داخل مدن وولايات السلطنة ومتعة السفر خارج السلطنة لمختلف دول العالم.»
موضحا أنه قبل التقاعد كان لديه حب السفر والترحال الدائم للتعرف على ثقافات
ومعالم دول العالم، حيث إنه حتى الآن سافر إلى 57 دولة مختلفة، هذه الهواية كان
لها مساحة كبيرة بعد التقاعد بسبب توفر الوقت الكافي لهذه الرحلات، التي كان
أغلبها بصحبة بعض الأصدقاء.
وأوضح ناصر أنه لم تكن هناك خطة واضحة ودقيقة لما بعد التقاعد، وإنما كان
التفكير فقط في التقاعد والانتهاء من التزامات العمل الرسمية والعودة للاستقرار
وقضاء وقت أطول مع العائلة والأقارب بعد سنوات طويلة من البعد عنهم، معرجا في
حديثه أنه لم يتوجه للقطاع الخاص، وإنما قام بإدارة بعض مشاريعه الخاصة، لتوفير
مصدر دخل بديل ومناسب يتناسب مع مستوى الدخل قبل التقاعد، بما يؤمن حياة كريمة
لأسرته، وحتى لا يشعروا بوجود خلل على مستوى الدخل بعد التقاعد.
واختتم حديثه قائلا: «بعد التقاعد تمر بعض الأوقات أشعر فيها بالرغبة في العودة
للعمل في الدوائر الحكومية والاختلاط مع الناس في أعمالهم.» مشيرا إلى أنه لا
توجد لديه خطط حتى الآن، حيث إن مستوى الدخل الحالي من المشاريع التي أقوم بها
كافية لتحقيق اكتفاء ومستوى معيشة مناسب جداً، بالإضافة إلى عدم الرغبة في
الالتزام بمشاريع كثيرة قد تكون مرهقة وتستنزف الوقت والجهد، الأمر الذي قد
يفقدني متعة الاستمتاع الحر بالوقت دون التزامات.
أنشطة مجتمعية
من جهته يقول خالد بن سيف الحضرمي: «تقاعدت من وزارة التربية والتعليم في شهر
سبتمبر 2017، بعد أن كنت أعمل فيها معلما لمادة اللغة الإنجليزية لمدة 23 سنة،
وقد خرجت للتقاعد باختياري رغبة مني في تجديد مسيرتي في الحياة، فمن وجهة نظري
العمل يأخذ الكثير من وقتنا، ويحرمنا من الاستمتاع بالحياة، ولا شك أن اتخاذ
قرار كهذا ليس بالأمر السهل إلا أن الشعور بالتحرر من العمل الرسمي هو ما شجعني
على هذه الخطوة، خصوصاً أن لدي العديد من الأنشطة المجتمعية، التي تمثل الجزء
الجميل من حياتي، ذلك أن مشاركة الناس وتقديم الخدمات المجتمعية كان جزءاً
أصيلاً من شخصيتي، فأنا ومنذ نعومة أظافري أحب العمل التطوعي، والاندماج في
المجتمع، فمثلاً أنا عضو إداري في لجنة نخل للزكاة والصدقات بولاية نخل.»
وأضاف الحضرمي: «لأني محب للرياضة، ومن عشاق كرة القدم، التي تمثل هي الأخرى
جزءاً مهماً من مسيرتي، حيث كانت لاعباً في فريق شباب نخل الرياضي، كما كنت
عضواً مؤسساً للجنة الشبابية بالولاية التي تطورت لاحقاً فتصبح مركزا رياضيا
للولاية، ومتابع بشغف للدوريات المحلية، ولمختلف البطولات الكروية محلياً
وإقليمياً ودولياً، ومن هواياتي المحببة الرماية، وكنت عضوا إداريا في فريق نخل
للرماية، إلى جانب اهتمامي بالموروث الشعبي التقليدي كفن الرزحة والعازي،
وساهمت في تأسيس فريق الوفاء للفنون الشعبية بولاية نخل، وبعد تقاعدي أصبح لدي
مزيداً من الوقت للأعمال التطوعية والعمل في مختلف اللجان في الرياضات التي
أحبها.»
وقال خالد: «إيماناً مني بأهمية العمل الحر، وبأن عجلة الحياة لا تتوقف على
العمل الحكومي أردت أن يكون لي مشروعي التجاري الخاص، إلى جانب الراتب التقاعدي،
الذي سوف يساعدني في التغلب على التحديات المادية، ومتطلبات الحياة المعاصرة،
وتأمين حياة كريمة لأسرتي، والمساهمة في خدمة وطني في القطاع الخاص، إلا أن
جائحة كورونا للأسف الشديد أطاحت بأحلامي في هذا المشروع، الذي بدأ بسيطاً لكن
كان لدي طموح بفتح أفرع في جميع ولايات السلطنة، ومع ذلك لم أستسلم ولم أيأس،
وحالياً أعمل في مشروع تجاري سيخدم ولايتي، وسيقدم لها الكثير، وسيساهم في
تنشيط الحركة التجارية بالولاية»، موضحا أنه في الجانب الإنساني أتاح له
التقاعد فرصة أكبر لزيارة الأقارب والأرحام ومشاركة في أفراحهم وأتراحهم.
وأكد سيف بن علي الريامي أن استثمار الوقت يعتبر من أعظم الاستثمارات إذ أن
الوقت كما قال الأولون كالسيف إن لم تقطعه قطعك، أي بمعنى أن الإنسان إن لم
يستثمر وقته بما يعود عليه وعلى أمته بالخير فإن ذلك الوقت الذي ذهب لن يعود
أبدا وسوف يتحسر عليه الإنسان.
أعمال خاصة
وقال الريامي: «بالنسبة لي فأنا مؤمن بمقولة (كل ما كثرت أعمالي كثرت أوقاتي)
بمعنى كل ما وجدتُ وقتا للفراغ سرعان ما أشغله بعمل مفيد فالأعمال كثيرة
ومتنوعة ومتعددة، تقاعدت من جامعة السلطان قابوس في الأول من أبريل عام 2018،
وبعد تقاعدي أصبحت أقضي وقت فراغي بين الأعمال الخاصة كالعمل في المنزل وحديقته
والمزرعة وأشجارها والعزبة ومواشيها فتلك هي حياتي أجد فيها المتعة والفائدة
والحركة والرياضة في آن واحد، بالإضافة إلى الأعمال التطوعية كالانتساب إلى أحد
الفرق الأهلية التي تعنى بخدمة المجتمع علميا وثقافيا واجتماعيا، ومتابعة شؤون
المجتمع البلدي كصيانة المساجد والجوامع والإشراف على نظافة القرية التي أنتمي
إليها ومتابعة المؤسسات والدوائر الحكومية المعنية بالشأن البلدي.»
وأما فيما يتعلق بوجود خطة قبل التقاعد في كيفية قضاء الوقت ما بعد الوظيفة قال
سيف الريامي: «نعم كانت هناك خطة مرسومة قبل الاقدام على التقاعد بخمس سنوات،
إذ أني ما إن أنهيت سنوات الخدمة المحددة للتقاعد وهي عشرون عاما حتى سارعتُ
بتقديم استقالتي من العمل على الرغم من حبي الشديد له وللزملاء هناك إلا أنني
أثرتُ ترجمة أهدافي التي وضعتها سابقا على أرض الواقع لتصبح فيما بعد حقيقة
ظاهرة للعيان، وعندما سمعت بعض مؤسسات القطاع الخاص داخل الوطن وخارجه
باستقالتي من عملي الحكومي حتى سارعت بعضها بتقديم عروضها للعمل لديها إلا أنني
أثرت تحقيق أحلامي في الخطة التي رسمتها قبل التقاعد ألا وهي التفرغ لنفسي
وعائلتي ومجتمعي.»
وعرج في حديثه عن التحديات التي واجهها بعد التقاعد أبرزها المواءمة بين
متطلبات المجتمع والمتطلبات الخاصة إذ أن متطلبات المجتمع أصبحت تطغى على
المتطلبات الأخرى، وخاصة بعد أن عرف الناس بتقاعدي أصبح الكثير منهم يقومون
بتكليفي ببعض الأعمال المجتمعية التي تأخذ جل الوقت لمتابعتها وإنهائها،
متذرعين بأنني الآن متقاعد ولا يوجد لدي عمل أقوم به إلا متابعة أعمال المجتمع
وأنشطته ومشاريعه.
مشروعات مستقبلية
واختتم الريامي حديثه حول مشروعاته المستقبلية قائلا: «توجد هناك خطة لتوسيع
مشروعاتنا سواء كانت مجتمعية أو خاصة، بالنسبة للمشروعات المجتمعية هناك خطة
لإنشاء حاجز لحماية القرية من الوادي الذي يمر بجانبها ويحدث فيضانات وأضرار في
المزروعات والممتلكات، وبدأنا بالمراحل الأولية لإنشائه بجهود الأهالي حيث من
المتوقع الانتهاء منه بنهاية عام 2022م ومن المؤمل أن يكون لهذا الحاجز أبعاد
صحية وسياحية حيث بالإضافة إلى كونه حاجزا مائيا، كذلك سيكون ممشى مزودا
بالإنارة ومرصوفا بالحجر الطبيعي، أما المشاريع الخاصة فهناك خطة لإنشاء شركة
للمواشي المحلية وإكثارها مما تساهم في رفد السوق المحلي باللحوم الحمراء وتعزز
المنافسة السوقية للمواشي المحلية، بالإضافة إلى الدخول كشريك في إنشاء مصنع
لإنتاج وتعبئة مياه الشرب النقية وتسويقها داخل السلطنة وخارجها.»
التجارة الحرة
وقال زايد بن خليفة البيماني: «بعد التقاعد تفرغت كثيرا في ممارسة هواياتي منها
الرياضة والقراءة والرحلات بالإضافة إلى متابعة أعمالي، لدي شغف للعمل بالقطاع
الخاص وخصوصا التجارة الحرة فبدأت بممارسة العمل التجاري من خلال المراقبة
والمتابعة» موضحا أن متعة العمل الحر هو التعرف على متطلبات السوق والسلع
الأكثر رغبة للمستهلكين، كما أن فن التعامل معهم وطرق جذب والدعاية للترويج من
خلال منصات التواصل الاجتماعي أصبحت مطلب أساسي. موضحا أنه لابد لكل عمل ضريبة
منها على سبيل المثال ارتفاع إيجارات المحلات وبعض الرسوم الأخرى التي نراها
مرتفعة، ونأمل من جانب البنوك تقليل المستندات المطلوبة عند فتح أو إعادة تفعيل
الحساب.
واختتم البيماني حديثه بأن الخطط المستقبلية مرهونة بما هو مطلوب بالسوق المحلى
وعلى ضوئها يمكن وضع مشروع مدروس ذي جدوى اقتصادية، وفي حال توفر الجانب المادي
فهناك مشروع جميل وهو إقامة ورشة لصياغة الذهب وهذا يتطلب رأس مال كبير لمثل
هذا النشاط في النهاية يبقى هذا طموح.
القانون وفقًا لآخر تعديل - مرسوم
سلطاني رقم 72 لسنة 1991 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية
المرسوم السلطاني وفقًا لآخر تعديل
- مرسوم سلطاني رقم 7 لسنة 1994 بإنشاء صندوق تقاعد جهاز الأمن
الداخلي
المرسوم وفقاً لآخر تعديل - مرسوم
سلطاني رقم 86 لسنة 1996 بإصدار قانون معاشات ومكافآت ما بعد الخدمة لموظفي ديوان
البلاط السلطاني العمانيين
النظام وفقًا لآخر تعديل - قرار
قائد الحرس السلطاني العماني رقم 1 لسنة 1994 بإصدار النظام الأساسي لصندوق تقاعد الحرس
السلطاني العماني