جريدة الرؤية الثلاثاء 11
يناير 2022 م - ٨ جمادى الأخرة ١٤٤٣ هـ
خطة
التوازن المالي.. إجراءات مُحكمة للحد من التداعيات الاقتصادية وضبط المالية العامة
منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق
المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد، في 11 يناير 2020، والجهود
تتواصل من أجل مواجهة التحديات المالية والاقتصادية التي فرضتها الظروف الخارجية،
الناجمة عن انتشار وباء كورونا، والتراجع في أسعار النفط، وقد تمكنت عُمان- بفضل
الحكمة السلطانية السامية- من التغلب على الكثير من المصاعب، من خلال طرح الخطط
الوطنية ودقة وبراعة تنفيذها بالتوازي مع برامج حماية اجتماعية لضمان توفير العيش
الكريم للفئات التي قد تتأثر بالإجراءات الاقتصادية.
وعلى رأس هذه الخطط الاقتصادية، خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2021- 2024)
والتي حظيت بالمباركة السامية، حسبما ورد في بيان مجلس الوزراء الصادر في 22 من
أكتوبر لعام 2020. وتهدفُ الخطة إلى تحقيق مستويات مستدامة للتوازن المالي مع نهاية
عام 2024 وتهيئة الظروف المالية الداعمة لرؤية "عُمان 2040".
وتتضمَّن الخطة مجموعة من المبادرات، دخل بعضها حيز التنفيذ، بينما سيتم تنفيذ
المبادرات الأخرى حسب الأولوية والجاهزية، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة التدرج في
تنفيذ تلك الإجراءات لمراعاة الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عنها؛ إذ تم
تطوير منظومة حماية اجتماعية شاملة لذوي الدخل المحدود من تأثير بعض السياسات
المالية.
وتهدف الخطة لمواجهة الآثار الناتجة عن تدني أسعار النفط، إضافة لتداعيات جائحة
كورونا (كوفيد-19) التي طالت تأثيراتها الاقتصاد العالمي، وخفضت الطلب على الطاقة؛
الأمر الذي انعكس على القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وقد سعت الحكومة إلى التكيف المالي منذ تراجع أسعار النفط في أواخر عام 2014، وقد
أدت الجهود المبذولة في هذا الصعيد إلى خفض عجز الموازنة مقارنة مع المستويات التي
كان من الممكن أن يصل إليها هذا العجز في حال لم يتم اتخاذ تلك الإجراءات. وحسب
المؤشرات فإن حوالي 20% من الآثار المالية التي حققتها جهود التكيف المالي، قد جاءت
من جانب الإيرادات غير النفطية وساهمت هذه المبادرات خلال الفترة من العام 2014 إلى
العام 2019 في تحقيق زيادة مصادر الإيرادات غير النفطية بنسبة 17% نتيجة تطبيق
الضربية الانتقائية وتعديل ضريبة الدخل على الشركات ومراجعة رسوم الخدمات الحكومية،
إضافة إلى خفض مصروفات الوحدات الحكومية بنسبة 13% وتتعلق أغلبها بالعقود
والمشتريات. وتهدف الخطة إلى تحقيق المصروفات الاستثمارية خلال نفس الفترة بنسبة
أكثر من 20%، وذلك خلال تبني منهجية دقيقة لتقييم ومراجعة كافة تفاصيل المشاريع
الجديدة قبل اعتمادها وإدراجها في الموازنة العامة للدولة. ومن بين أهداف هذه
الخطة، خفض الدعم الحكومي؛ حيث حقق هذا الإجراء خفضًا بما يقارب 50% في معدل الدعم
الموجه لبعض الخدمات العامة بما فيها الوقود.
وتشكل الاستدامة المالية للسلطنة أحد أهم ممكنات رؤية "عُمان 2040"، وتعد أولوية
ملحة لضمان تطبيق الرؤية على أرضية صلبة؛ حيث يهدف ممكن الاستدامة المالية إلى
تعزيز القدرة على التكيف مع الأوضاع المالية واستيعاب أية تحديات مالية ومتغيرات
اقتصادية مستقبلية وضمان الكفاءة المالية للسلطنة والقدرة على توفير المتطلبات
المالية اللازمة للخطط التنموية المنبثقة عن الرؤية. وتتضمن الرؤية 4 أولويات من
بين 12 أولوية تعد الأكثر ارتباطًا بالاستراتيجية المالية للسلطة، وقد تم بناءً
عليها صياغة خطة التوازن المالي متوسطة المدى وتتمثل هذه الاولويات في التنويع
الاقتصادي والاستدامة المالية والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي وحوكمة
الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع وكذلك الرفاه والحماية الاجتماعية.
وتركز محاور الخطة على دعم النمو الاقتصادي وذلك لتحسين بيئة الأعمال وتحفيز
الاستثمار المحلي والأجنبي، ومحور تنشيط وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية من خلال
عدد من المبادرات من بينها تعزيز عوائد الاستثمارات الحكومية وتطبيق ضريبة القيمة
المضافة وضريبة الدخل على اصحاب الدخل المرتفع. وكذلك محور ترشيد ورفع كفاءة
الإنفاق الحكومي من خلال مبادرة الشراء الاستراتيجي الحكومي الموحد ومبادرة رفع
كفاءة الإنفاق الإنمائي ومبادرة مراجعة المصاريف التشغيلية وضبط الإنفاق وإعادة
توجيه دعم الخدمات العامة. ومحور تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية ورفع كفاءة
الإدارة المالية العامة حيث قامت الحكومة بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة
تمهيدا لبدء العمل في تنفيذ الخطط المنبثقة من رؤية عمان 2040، الأمر الذي سيساهم
في تسهيل إجراءات حوكمة الأداء الحكومي وتعزيز كفاءة الإدارة المالية ورفع قدرة
الحكومة على التكيف مع المتغيرات المالية والاقتصادية.
وتسعى الحكومة من خلال تطبيق حزمة المبادرات والسياسات المالية إلى تجنب الاستمرار
في تسجيل عجوزات مالية وتجنب تراجع التصنيف الائتماني للسلطنة، والسعي لتحسينه
وصولًا لتحقيق مستويات آمنة وجاذبة للاستثمار.