جريدة الوطن الأحد 13
فبراير 2022 م - ١١ رجب ١٤٤٣ هـ
دراسة
تناقش «تحسين جاهزية مؤسسات التعليم العالي العمانية لطرح مقررات إلكترونية
واسعة الالتحاق»
كتب ـ عيسى بن سلَّام
اليعقوبي:
■■ قدم عدد من الباحثات بجامعة السلطان قابوس دراسة بعنوان:(بدائل استراتيجيات
لتحسين جاهزية مؤسسات التعليم العالي العمانية لطرح مقررات إلكترونية واسعة
الالتحاق) (MOOCs) وذلك لتحديد مدى جاهزية مؤسسات التعليم العالي في مجال السياسات
والتشريعات المرتبطة بالتخطيط للتعليم الإلكتروني ومجال القدرات البشرية، والنمو
المهني المرتبطة بالتعليم الإلكتروني. حيث أعدَّ الدراسة كلٌّ من: الأستاذة
الدكتورة وجيهة ثابت العاني ـ مساعد العميد للدراسات العليا والبحث والدكتورة عائشة
بنت سالم الحارثية ـ رئيسة قسم الأصول والإدارة التربوية بكلية التربية والدكتورة
إيمان بنت راشد الكندية ـ خريجة كلية العلوم بجامعة السلطان قابوس. ■■
وتتمثل أهمية الدراسة في مساعدة المؤسسات التعليمية في إعداد خططها الاستراتيجية في
مجال التعليم الإلكتروني بشكل عام وفي إعداد وتصميم وتقديم مقررات (مووك)، وكذلك
تساعد القياديين التربويين في الجامعات في التعرف على أبرز التحديات التي تواجه
تقديم مقررات (مووك) خصوصا في ظل الظروف الحالية والتي تواجه العالم وتداعيات (كوفيد
ـ 19)، كما تكمن أهميتها في وضع تصور مستقبلي للتعليم واسع الانتشار (مووك) في
السلطنة في ضوء رؤية (عمان 2024)، وتساعد الباحثين والمهتمين في تقديم مقررات (مووك)
في التعرف على أبرز جوانب القوة والضعف والفرص والتحديات التي يمكن أن تواجههم بما
يساعدهم في وضع خطط استباقية في هذا المجال.
واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي بأسلوب التحليل الرباعي، وتم استخدام المقابلة شبه
المهيكلة كأداة لجمع البيانات من عينة تكونت من (38 فردًا)
من القيادات الأكاديمية، كشفت النتائج أن جوانب القوة كانت أكثر وجودًا في مؤسسات
التعليم العالي متمثلة في وجود الطموح والرغبة العالية في التخطيط للمستقبل نحو
استخدام التكنولوجيا في التعليم، والرغبة في الارتقاء بسمعة المؤسسة الأكاديمية
وتميزها في مجال التعلم الإلكتروني، أما بالنسبة إلى جوانب الضعف فتمثلت في غياب
سياسة واضحة لبرامج التعليم الإلكتروني، ورؤية حول طبيعة المقررات التي يمكن أن
تقدم عن طريق
(المووك ـ MOOCs)، لذلك قامت الدراسة بتبني استراتيجية التوجه الريادي من تفاعل
القوة والفرص لما تتميز به من اقتناص الفرص، واستنادا للنتائج تم تقديم مجموعة من
التوصيات والمقترحات.
وقد استهدفت الدراسة بشكل رئيس جميع رؤساء الجامعات ومساعديهم وعمداء الكليات
ومساعديهم ومديري المراكز ورؤساء الأقسام بالجامعات والكليات بالسلطنة، كما شمل
مجتمع الدراسة أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في التعليم الإلكتروني أو لديهم
مبادرات مرتبطة به كونهم على وعي بوضع مؤسساتهم وأقدر على قراءة واقعها، في حين بلغ
عدد المؤسسات التي تم إجراء المقابلة فيها ثماني مؤسسات وهي:(جامعة السلطان قابوس،
جامعة نزوى، كلية العلوم الشرعية، كلية العلوم التطبيقية بالرستاق، كلية البريمي
الجامعية، الجامعة العربية المفتوحة، الكلية التقنية العليا بمسقط، المركز الوطني
للمصادر المفتوحة)، وبلغ عدد الأفراد الذين تمت مقابلتهم 38 فردًا، استغرقت عملية
تجميع البيانات من عينة المقابلات المقصودة لمدة عام تقريبًا.
وحول مشكلة الدراسة تشير الباحثات إلى أن السلطنة تولي اهتمامًا كبيرًا في إنشاء
منصات إلكترونية تقدم خدمات تلبي حاجة أفراد المجتمع في مجالات وموضوعات معينة، حيث
توجد في السلطنة عدد من المنصات منها منصة (إدلال) التي أطلقتها شركة الاتصالات
العمانية (عمانتل) والتي أسستها شركتان عمانيتان ناشئتان هما (بوينت والردهة)،
وتستخدم المنصة مصطلح (دورات) وليس (مقررات) (إدلال، 2020)، كما توجد منصة (ندرس)
التي اشترتها الجمعية العمانية لتقنيات التعليم من شركة إماراتية (ندرس، 2020)، إلا
أنه يغلب نمط إتاحة المصادر الإلكترونية المفتوحة على المنصتين أكثر من نمط
المقررات الدراسية، حيث تعتمد المنصة على مشاهدة مقاطع فيديو عالية الجودة في
مواضيع حديثة مختلفة.
وتوجد في السلطنة تجربة كلية العلوم الشرعية في تقديم درجات علمية بأسلوب إلكتروني
تقليدي وليس بصيغة (مووك) على مستوى البكالوريوس (بكالوريوس العلوم الإسلامية
وبكالوريوس الفقه وأصوله وماجستير دراسات إسلامية والفقه وأصوله)، حيث تُعدُّ من
التجارب الناجحة في تقديم برامج التعليم عن بُعد (كلية العلوم الشرعية، 2020)، أما
بقية مؤسسات التعليم العالي بالسلطنة فإنه لا يزال مشهد (مووك) غائبًا في تقديم
محتوى تعليمي متكامل مجاني يخدم جميع فئات المجتمع في الوقت الذي أصبح المشهد
العالمي من تصدر جامعات عريقة ومعروفة لتقديم مقررات (مووك).
وأكدت الباحثات أنه من هنا كان لا بد من الوقوف على واقع الجامعات والكليات
بالسلطنة لمعرفة مستوى جاهزيتها سواء من الجوانب البشرية والمادية والتقنية..
وغيرها من المتطلبات التي لا بد من توافرها من أجل تقديم مقررات (مووك) لما توفره
من خيارات تعليمية تلبي احتياجات المتعلمين بمختلف الفئات والمستويات.
وأوضحت الباحثات أنه تم العمل على هذه الدراسة قبل ظهور جائحة كورونا (كوفيد ـ ١٩)،
والتي معها توجهت السلطنة مثلها مثل باقي دول العالم إلى الخيار الوحيد المتاح في
هذه الظروف وهو خيار التعليم الإلكتروني، وقد ظهرت مع الجائحة الكثير من إشكاليات
الجاهزية الإلكترونية والبيداجوجية فيما يتعلق بالاستخدام الناجح للتعليم
الإلكتروني، فجاء كتعليم إلكتروني طارئ وليس كتعليم إلكتروني مبني على الأسس
العلمية الصحيحة، والذي يتطلب تعظيم جوانب القوة الموجودة، والاستفادة من الفرص
المتاحة، ووضع خطط واضحة لجوانب الضعف والتهديدات، ولا تزال الصورة غامضة في ظل
استمرار الجائحة، وتخبط الجهود للتعامل معها ومع آثارها على التعليم. وقد أوصت
الدراسة بوضع استراتيجية وطنية موجهة نحو التعليم الإلكتروني بجميع أنماطه وأشكاله
بما يلبي احتياجات السلطنة وفقًا لرؤية (عمان 2040)، والعمل على بناء الإمكانات
التكنولوجية والبشرية في مجال التعليم (عن بُعد) واستحداث جهات متخصصة في مؤسسات
التعليم العالي مثل:
عمادة التعليم الإلكتروني بالجامعات تأخذ على عاتقها جميع شؤون ومتطلبات التعليم
الإلكتروني والتعليم الإلكتروني الواسع الانتشار (مووك)، وكذلك فتح أُطُر التعاون
والشراكة بين مؤسسات التعليم العالي على المستوى الإقليمي والدولي في تقديم مقررات
واسعة الانتشار تلبي احتياجات المجتمع يمنح المتعلم شهادة أكاديمية معترف بها.