الاثنين 15 شعبان 1434هـ
24 من يونيو 2013م العدد(10912)السنة الـ42
جريدة الوطن
حوكمة قطاع التعليم من خلال الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040
لعل من أهم المواضيع
التي ناقشها مجلس التعليم في اجتماعه الثالث لهذا العام بتاريخ 3 يونيو 2013 مسودة
الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 والتي يهدف من خلالها تحقيق نظام فاعل لادارة
وحوكمة قطاع التعليم.
ونظرا لأنني كنت من اللذين كتبوا في موضوع الحوكمة في مجال الشركات المساهمة العامة
العمانية في عام 2009, وتناولت هذا الموضوع- لأهميته- منذ نشأة مصطلح الحوكمة وحتى
تطبيقها في السلطنة, فقد آثرت أن أقدم هذه المقالة لبيان كيفية تحقيق الأهداف التي
تسعى اليها الحكومة –من خلال تطبيق الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040.
ولكن قبل ذلك سيكون لزاما علينا بيان المقصود بمفهوم الحوكمة, فعلى الرغم من أن
مضمون المصطلح يعود الى بدايات القرن التاسع- على وجه التقريب ما بعد عام 1832- حيث
في ذلك الوقت تناولته نظرية المشروع وبعض نظريات التنظيم والادارة الا انه لم يتحدد
مضمونه على وجه الدقة- في لغته الاصلية وهي اللغة الانجليزية الا حديثا منذ عقدين
أو ثلاثة عقود من الزمن, ولا شك أن ذلك أدى الى صعوبة ترجمته الى اللغة العربية
بمصطلح يعكس المضمون الحقيقي له, فترددت في الفقه مصطلحات عدة منها "حوكمة" "أسلوب
ممارسة الادارة الرشيدة" "أسلوب ونظام ادارة وممارسة السلطة والادارة" "الادارة
الحاكمية" "الحاكمية المؤسسية" غير أن مصطلح الحوكمة يعتبر أكثر المصطلحات
المستخدمة سواء في الفقه القانوني أو الفقه الاقتصادي.
ما يهمنا في هذا الشأن المفهوم الاداري للحوكمة "كون الاستراتيجية الوطنية تهدف
لادارة وحوكمة التعليم لذلك يعرف البعض الحوكمة من خلال هذا المفهوم بأنها "الاجراءات
المستخدمة بواسطة ممثلي أصحاب المصلحة في المنظمة" فهي تعني "مجموعة من العلاقات
والمصالح المتشابكة التي تربط المؤسسة, ورجال الادارة بالمؤسسة نفسها والمؤسسين
وغيرهم من أصحاب العلاقة بمعنى أدق تعني الحوكمة انضباط في أداء العمل, انضباط في
السلوك والأخلاق بما يحقق العدالة لجميع أطراف المؤسسة.
والواقع أن تطبيق الحوكمة على التعليم مهم جدا كونها تعد عنصرا رئيسيا في التركيز
على اتجاهات اصلاح التعليم في جميع أرجاء العالم, حيث يتصدر مفهوم حوكمة التعليم
قائمة طرق التصنيف الأولي في العالم التي تبين كيفية قيام المؤسسات التعليمية
لتحقيق أهدافها وتنفيذها, واسلوب ادارة مؤسساتها ورصد انجازاتها, ولا تشير حوكمة
التعليم كثيرا الى ما تفعله المؤسسات التعليمية, وانما الى كيفية أداءها له, أي
الأساليب والوسائل التي تحدد المؤسسة من خلال توجهها وتنظيم نفسها لتحقيق الغرض من
وجودها.
وعند تطبيق مفهوم الحوكمة على التعليم يعني وصف كل تلك الهياكل والعمليات والأنشطة
التي تشارك في التخطيط والتوجيه للمؤسسات التعليمية, والأشخاص الذين يعملون في
التعليم بهدف انشاء مؤسسة تعليمية تحقق أعلى مستويات الأداء, وتكون مسؤولة أمام
المجتمع الذي تخدمه.
وتهدف أنظمة الحوكمة في المؤسسات التعليمية الى عدد من الأهداف التي تحقق التحسينات
المطلوبة على المؤسسة والنهوض برسالتها.
وقد حدد مجلس التعليم في اجتماعه الثالث الأهداف التي يجب أن تحققها الحوكمة في
مجال التعليم والتعلم بالسلطنة وتتمثل هذه الأهداف في الآتي:
1- تحقيق معدلات عالية للالتحاق والاستفادة من التعليم.
2- تحديد المسؤوليات بين المؤسسات المنوط بها هذه العملية.
3- المواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل.
4- جودة نظام التعليم وصولا الى المستويات الدولية.
5- تعزيز الاستفادة والابداع في البحث العلمي.
6- نظام تمويل فاعل ومستدام لقطاع التعليم.
وفي الحقيقة, رغم تنوع هذه الأهداف فانها لابد أن تتكاتف جميعها الى تحقيق الهدف
الأسمى الذي تسعى اليه السلطنة ألا وهو وجود نظام فاعل لادارة وحوكمة نظام التعليم
فيها.وفي التعليم العالي, تتناول عمليات الحوكمة أبعادا متعددة الأبعاد منها:
كيفية تماسك أجزاء المؤسسة التعليمية, وكيفية ممارستها للسلطنة, وكيفية اتصالها
بالأعضاء الداخليين ( الطلاب وأعضاء هيئة التدريس) وكيفية اتخاذها للقرارات, وكيفية
تفويضها للمسؤولية عن القرارات والاجراءات الداخلية, ومدى قيامها بذلك, كما يتضمن
هيكل الحوكمة دور مجالس ادارة اللمؤسسات التعليمية ورؤساء المؤسسات وقواعدهم
الاجرائية والتأديبية, وسياساتها في تخصيص المواد, وترتيباتهم لادارة الأداء
والمتابعة واعداد التقارير. والأمل معقود للمؤسسات التعليمية أن تأخذ في حسبانها
بعض عناصر التعليم الجيد التي ركزت عليها اليونسكو في تقريرها المعنون "التعليم
للجميع-ضرورة ضمان الجودة" لعام 2005 وتتمثل هذه العناصر في التالي:
1- المعلمون, حيث يتطلب الأمر زيادة عددهم, وتحسين أعدادهم وحالتهم المعيشية.
2- المقررات الدراسية, حيث يمثل اختيار المقرر الدراسي المناسب وذو المحتوى العلمي
السليم المشجع على الابتكار والتخيل, أداة حاسمة وأحد أفضل المؤشرات للتنبؤ بمستوى
التحصيل الدراسي على المدى الطويل.
3- أساليب التعليم, فيجب تطوير الأساليب بحيث تفي بمتطلبات العصر, واحتياجات
الأطفال والدارسين الحاليين الذين يختلفون كلية عن أطفال ودارسي الأمس, ويجب أن
نبتعد عن الجمود والطرق التقليدية التي تعتمد على التلقين والحفظ, وهي بلاشك طرق
تورث الطلاب الدور السلبي في العملية التعليمية وتجعلهم يتقنون دور المتلقي,
وتحرمهم المنافسة والابداع.
4- الوقت المخصص للتعلم, اذ يعتبر عاملا حاسما في التحصيل الدراسي, حيث أن هناك من
المقررات الدراسية يتوقف درجة التحصيل منها على الوقت المخصص للتدريس كما هو الحال
في دراسة اللغات والعلوم والرياضيات. وقد أشارت اليونسكو في العديد من تقاريرها الى
أن متوسط عدد الساعات التدريسية كل مقرر في العام الواحد يجب أن يتراوح من 850 الى
1000 ساعة.
ونختتم مقالتنا هذه, بقاعدة نموذجية للتدريس أو الصفات اللازمة لفاعلية نظام ادارة
وحوكمة التعليم في السلطنة من وجهة نظرنا المتواضعة:
1- تحديد واضح لأهداف التعليم.
2- تقيم المقرر الدراسي بعناية متتابعة.
3- شروح واضحة يقدمها المعلم بشأن ما يجب أن يتعلمه التلميذ.
4- استخدام وسائل تعليمية وتوضيحية حديثة كالصور الذكية, والمجسدات الالكترونية.
5- قيام المعلم بانتظام بطرح الأسئلة لتقدير مدى التقدم الذي يحرزه التلميذ.
6- افساح متسع من الوقت لكي يتدرب التلاميذ عمليا على ما تعلموه مع استخدام تقنيات
الخلاصات التذكيرية والتغذية المرتدة.
7- اجراء اختبارات منتظمة وتوقع مساءلة التلاميذ عن أعمالهم.
8- تشجيع التلاميذ المتفوقين بطرق تتناسب مع أعمارهم.
وفي النهاية نقول أن سلطنة عمان كانت في عام 2002 الدولة العربية الأولى التي أصدرت
ميثاق متكامل لتنظيم وادارة شركات المساهمة العامة يتصف بأفضل المعايير الدولية,
حيث جاء هذا الميثاق مشتملا على كافة مبادي الحوكمة, مما كان له الأثر المباشر
للتقليل من الآثار السلبية الناتجة عن حدوث الأزمات المالية العالمية على الاقتصاد
الوطني مما يعني أن مجلس التعليم بالسلطنة – اذا ما أراد تطبيق مبادي الحوكمة في
مجال التعليم- لا شك أن ذلك بمقدوره من خلال تطويع الأدوات اللازمة لنجاح تطبيقه,
وبيان عناصره, وتوفير عقول متفتحة مؤمنة بأهميته وضرورته لتقدم نظام التعليم وعيون
تراه أداة جيدة, وقلوب محبة للوطن تأمل الخير له, وتسعى الى تحقيقه.
سالم بن سلام بن حميد الفليتي
كاتب وباحث في حوكمة الشركات
salim-alfuliti@hotmail.com
المرسوم وفقًا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم
67/2000 في شأن بعض الأحكام الخاصة بمؤسسات التعليم العالي
قرار
وزارة التعليم العالي رقم 9/ 2013 بإصدار اللائحة التنظيمية لمكاتب خدمات التعليم
العالي
مؤسسات التعليم العالي والحاجة إلى سياسات جديدة