جريدة
أثير الخميس 23
يونيو 2022 م - ٢٣ ذي القعدة ١٤٤٣ هـ
دراسة عمانية تقترح إنشاء أقسام للنزاعات البيئية في المحاكم
قدم الباحث محمد بن
سعيد بن خلفان الرزيقي بحثا بعنوان “المحافظة على البيئة الطبيعية وحمايتها من
منظور إسلامي، البيئة العمانية نموذجا”، في كلية العلوم الشرعية بمسقط لاستكمال
متطلبات الحصول على الماجستير في الدراسات الإسلامية.
يقول الباحث محمد الرزيقي بأن اختيار عنوان الرسالة جاء ليلقي الضوء على البيئة من
منظور إسلامي، فيما كانت البيئة العمانية نموذجا لهذه الدراسة؛ فمنذ ظهور الصناعات
والآلات الحديثة في منتصف القرن الفائت وإلى يومنا هذا وحكماء الناس وعقلاؤهم
يتحدثون عن قضية تلوث البيئة وتدهورها وخطر ذلك على مستقبل البشرية على هذه البسيطة؛
حيث إن ما تم تدميره خلال السنوات الأخيرة لم يسبق تدميره خلال قرون، الأمر الذي
جعل علماء البيئة يدقون ناقوس الخطر، والدعوة إلى عقد مؤتمرات، وندوات بيئية بهذا
الشأن، وسن قوانين وتشريعات عادة ما تكون مُذيلة بغرامات من شأنها أن تحمي البيئة
من مخاطر التلوث والتدهور والانقراض.
وأشار الباحث إلى أن الشريعة الإسلامية سبقت التشريعات البيئية الوضعية بنحو أكثر
من (١٤٠٠) عام، وهي زاخرة بتشريعات بيئية من شأنها أن تحافظ على البيئة وصونها من
العبث، حيث تميز التشريع الإسلامي بخصائص لا توجد في غيرها من القوانين البيئية
الوضعية؛ حيث يقوم التشريع الإسلامي بمخاطبة الضمير الإنساني، وذلك بربط هذا الضمير
بمراقبة الله تعالى في كل عمل يعمله، ويقوم أيضا على مبدأ الثواب والعقاب، فالثواب
للمحسن إلى البيئة، والعقاب للمسيء إليها، لذا جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على
هذا الموضوع وركزت على خمسة عناصر من عناصر البيئة الطبيعية من منظور إسلامي وهي
التربة، والماء، والهواء، والنباتات، والحيوانات مع تطبيقات عملية من البيئة
العمانية.
وقد تحدث الفصل الأول من الدراسة عن حماية التربة؛ حيث حظيت التربة بعناية خاصة في
التشريع الإسلامي، فكثير من أحاديث النبي صلى الله عليه جاءت حاثة على المحافظة على
التربة، فقد جوّز الإسلام تمليك الأرض الموات لمن يقوم بعمارتها؛ بشق القنوات
المائية إليها، وحرثها وزراعتها، وحث من لم يقدر على زراعة أرضه بمنحها لأخيه
المسلم، لما في ذلك تثبيت للتربة، وحتى لا تبقى الأرض بوار لا فائدة منها.
وتحدث الفصل الثاني من الدراسة عن المحافظة على الثروة المائية، فقد اعتنت الشريعة
الإسلامية بمسألة المياه، وحرصت على إبقائها نقية وسليمة من التلوث، ومن أجل الحفاظ
على الثروة المائية من خطر الاستنزاف نهى الإسلام عن الإسراف في الماء في غير حاجة،
بل أنكر على المسلم الإسراف في الماء وهو يؤدي عبادة الوضوء، وعدّ ذلك من التعدي
والظلم.
وأما الفصل الثالث فتحدث عن الحفاظ على البيئة الهوائية، فيما تحدث الفصل الرابع عن
المحافظة على النباتات؛ حيث رغب الإسلام في زراعة وغرس النباتات وحث عليه؛ بحيث جعل
ما يأكله الإنسان أو البهائم أو الطير من ذلكم الغرس صدقة لصاحب الزرع، بل إن
الإسلام أمر إذا قامت القيامة وفي يد أحد شجرة بأن يغرسها.
وفي الفصل الأخير من الدراسة تحدث عن حماية الحيوانات، وكيف أن هذه الحيوانات
منافعها عظيمة للإنسان وغيره من الكائنات الحية، وأنها عامل من عوامل التوازن
البيئي، وتعاني البيئة الحيوانية اليوم من بعض المهددات؛ كالصيد الجائر، وفقدان
الموائل نتيجة قطع وتدمير مساحات واسعة من الغابات والأحراش.
لذا نبه الإسلام إلى أهمية هذه الحيوانات، ودعا إلى توخي الرفق والرحمة بها؛ جدير
بالذكر بأن القانون العماني الخاص بالرفق بالحيوان جاءت جميع مواده موافقة إلى ما
دعت إليه الشريعة الإسلامية.
وخرجت الدراسة بعدة توصيات من أهمها: ضرورة غرس الوازع البيئي الديني في نفوس
الناشئة في البيوت والمدارس والجامعات، وضرورة وجود فقه خاص بالبيئة يسمى فقه
البيئة، وإنشاء أقسام في المحاكم تؤول إليها الفصل في النزاعات البيئية لتحقيق
العدالة البيئية.
اقرأ