جريدة
االوطن 14 ذو
الحجة 1443هـ - 13 يوليو 2022م
استراتيجية الصناعة تستهدف تعزيز النمو بأنشطة متنوعة تعتمد على التقنية والابتكار
يعد القطاع الصناعي
ثاني أعلى القطاعات مساهمة في الناتج المحلي بعد قطاع الطاقة، ومن إجمالي نحو 33
مليار ريال عماني حجم الناتج المحلي بنهاية العام الماضي، يستحوذ قطاع الصناعة على
6,6 مليار ريال عماني من القيمة المضافة للناتج المحلي لسلطنة عمان، ويشمل ذلك
أنشطة الصناعة والتعدين واستغلال المحاجر والصناعات التحويلية، ومن ضمنها مصافي
النفط، إضافة إلى صناعات المواد الكيماوية الأساسية، وخلال الربع الأول من هذا
العام، سجل القطاع نموا بنسبة 19 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي
ويبلغ حجم الاستثمارات التي تم توطينها في كافة المدن الصناعية في سلطنة عمان نحو 7
مليارات ريال عماني من خلال 2300 مشروع صناعي، ورغم التحديات التي تشهدها بيئة
الاستثمار عالميا ارتفع حجم الاستثمارات الجديدة في القطاع الصناعي خلال العام
الماضي، ويجري تطوير 5 مدن صناعية جديدة، لتضاف إلى 9 مدن أخرى منتشرة في مختلف
أرجاء سلطنة عمان.
وتتجاوز نسبة التعمين في هذه المشروعات الصناعية الحالية في المدن الصناعية 38
بالمائة، وهو ما يمثل نحو 8 بالمائة من إجمالي العاملين في القطاع الخاص، وتشير
إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أنه في كافة قطاعات الصناعة في
المدن الصناعية وخارجها يعمل في المهن الصناعية والكيميائية والصناعات الغذائية نحو
14 ألف مواطن، وفي المهن الهندسية المساعدة أكثر من 50 ألف مواطن.
وتعتمد آفاق النمو الجيد لقطاع الصناعة خلال السنوات المقبلة على زخم من الخطط
والمبادرات التي تستهدف تحقيق التوجهات الاستراتيجية لأولويات محوري الاقتصاد
والتنمية والبيئة المستدامة برؤية عمان المستقبلية، كما تستهدف استراتيجية الصناعة
إيجاد قطاع متنوع يعتمد على التقنية والمعرفة والابتكار وزيادة مساهمة القطاع في
النمو الاقتصادي من خلال تعزيز الأنشطة القائمة وإيجاد فرص جديدة ذات جدوى اقتصادية
تساعد على توسيع وتنويع المنشآت الصناعية بمختلف محافظات وولايات سلطنة عمان، مع
تركيز على تحقيق نقلة نوعية في النمو بهذا القطاع عبر العديد من الأنشطة الصناعية
المتقدمة التي تدخل القطاع للمرة الأولى وتعتمد على التقنيات الحديثة وتقديم منتجات
مبتكرة في صناعات الأغذية والأدوية والتعدين والطاقة، كما تسعى استراتيجيات النمو
لتحقيق التكامل بين قطاعي الصناعة والطاقة خاصة في ظل التطورات المهمة التي يشهدها
قطاع الطاقة من خلال مشروعات واعدة للهيدروجين الأخضر.
وخلال الفترة الأخيرة تم طرح عدد جديد من الفرص الاستثمارية للمستثمرين في قطاعات
الصناعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية المحلية مثل (الصناعات الغذائية،
الصناعات البتروكيماوية، والمعادن والفلزات، والصناعات المعتمدة على الموارد
الطبيعية المختلفة)، إضافة إلى الصناعات كثيفة رأس المال مثل: (التكنولوجيا
المتوسطة والمتقدمة كالمستخدمة في صناعة السفن والمنتجات الكهربائية والمحركات
والمنتجات المعدنية الإنشائية)، والصناعات التي تعتمد على المعرفة والبحث والتطوير
مثل الصناعات الطبية والصناعات البيئية، مع توفر عقود الشراء المسبق لهذه الفرص.
وضمن المبادرات التي تسعى إلى استمرار النمو الجيد للقطاع، انطلق مؤخرا مختبر
الصناعات التحويلية في مرحلته الثانية، والتي تتناول مرتكز الفرص الاستثمارية
والابتكار بهدف تطوير فرص استثمارية في القطاعات المستهدفة -حسب الاستراتيجية
الصناعية- وتوحيد جهود الجهات المعنية، والسعي لتشخيص ومناقشة التوافق مع الشركاء
في القطاع لتحديد أولوية الصناعات التي سيتم تخصيص الموارد لتطويرها، بالإضافة إلى
إدارة منظومة الابتكار في القطاع والمشروعات والبرامج المبتكرة، وتحليل سلاسل
القيمة والإمداد لعدد من الصناعات الرئيسية للخروج بعدد من الفرص الاستثمارية،
ومراجعة حزم الحوافز المقدمة للقطاع وقياس مدى تأثيرها في زيادة عدد المشروعات
والاستثمارات.
وخلال هذه المرحلة من المختبر، تم مناقشة مرتكز الفرص الاستثمارية والابتكار في
القطاع الصناعي بشكل عام، وقطاع الحديد والألمنيوم والتعدين بشكل خاص، والتحديات
الخاصة بالمناطق الصناعية والاقتصادية والحرة، والتحديات العامة الخاصة بالقطاع
وإيجاد الحلول اللازمة، وتعظيم الفائدة في منظومة الابتكار في القطاع الصناعي
والمشاريع والبرامج المبتكرة. وتخلق الفرص الاستثمارية في هذا القطاع جوانب جديدة
للنمو في أنشطة اقتصادية أخرى، كما تساهم في إحلال الواردات وتعزيز الصادرات
العمانية من خلال الاستفادة من الاتفاقيات الحرة التي وقعتها السلطنة مع الدول
الأخرى، وتعزيز القيمة المضافة المحلية والمشروعات التكاملية التي تعزز نمو
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وكانت المرحلة الأولى لمختبر الصناعات التحويلية قد تضمنت مرتكز الطاقة وترتيب
أولويات الصناعات الاستراتيجية، وهدفت إلى تحديد الصناعات ذات الأولوية من خلال
تحليلها وفقا لمعايير محددة ودراسة احتياجاتها من الغاز والكهرباء والطاقة البديلة.
واستمرارا لجهود تعزيز الابتكار في القطاع تم إطلاق أكاديمية الابتكار الصناعي بهدف
توفير فرص استثمارية بصورة دائمة من خلال دراسة الفرص الاستثمارية بكافة مراحل
سلسلة التوريدات لمختلف القطاعات، ثم تطويرها واحتضانها لتصبح ذات قيمة مضافة وترفع
من نسبة المحتوى المحلي، وكذلك تحسين أداء المصانع المستثمرة في مختلف المدن
الصناعية، ورفع كفاءتها وتعزيز عملياتها عن طريق مسار الابتكار فيها، إضافة إلى
تحسين كفاءة القدرات الوطنية من خلال التدريب والتأهيل بما يتطلبه سوق العمل، وفيما
يتعلق باتباع نهج اللامركزية وتوزيع مكتسبات التنمية على مختلف المحافظات، وضرورة
التوسع الأفقي والاستفادة المثلى من المزايا التنافسية المتفردة لكل محافظة في
سلطنة عمان، أعلنت مدائن عن إنشاء مدن صناعية جديدة خلال الخطة الخمسية الحالية في
كل من محافظة مسندم، والظاهرة، وشمال الشرقية، وشمال الباطنة، وظفار، وتزويدها
بأعلى مستويات البنية الأساسية، مع السعي لجذب مستثمرين من داخل سلطنة عمان وخارجها
لتطوير مدن صناعية أخرى بالشراكة مع القطاع الخاص.
وضمن جهود تحفيز وتشجيع الاستثمار في القطاع الصناعي خاصة الصناعات المتقدمة تستهدف
سلطنة عمان إقامة مجمعات للصناعات المتقدمة بمختلف المدن الصناعية التابعة للمؤسسة
العامة للمناطق الصناعية "مدائن" بهدف توطين الصناعات واستقطاب الاستثمارات
الأجنبية إلى المدن التخصصية، كما أعلن جهــاز الاســتثمار العمانــي عن
الاســتثمار في عدد من الصناعات المتقدمة منها شــركة بايوجينومكـس التـي تطـور
الأدوية المماثلة بيولوجيا، وتركز بشكل خاص على مداواة مرضى السكري. ويستهدف هذا
الاسـتثمار قيـام الشـركة بإنشـاء مصنـع لهـا فـي سـلطنة عمان يعمل على إنتاج
الأنسولين المماثل بيولوجيا لتلبية احتياجات السوق الإقليمي مبدئيا، ثم الانتقال
إلى الأسواق الأوروبية والأفريقية فـي المراحـل التالية، واستمرارًا لمساعي تنويع
محفظة جهاز الاستثمار الدولية جغرافيًا وقطاعيًا، وتعزيز عوائدها، وجلب الاستثمارات
الأجنبية المباشرة، ونقل التقنيات الحديثة والمتقدمة عالميًا للاستفادة منها محليًا
وإقليميا، استثمر الجهاز في شركة كروسو الأمريكية لتقنيات الطاقة، الأمر الذي يعطي
السلطنة موقع الريادة في المنطقة للوصول إلى هذه التقنية المتقدمة بما يخدم قطاعات
النفط والغاز، وتوليد الطاقة، وتقنية المعلومات والاتصالات.
ويأتي هذا الاستثمار في إطار جهود جهاز الاستثمار العماني لتوطين التقنيات الحديثة
في القطاعات الواعدة اقتصاديًا، حيث يستهدف توسيع عمليات هذه الشركة في منطقة الشرق
الأوسط التي تُعدّ من أكثر المناطق المنتجة للنفط والغاز في العالم، وتعزيز ربحيتها
في سوق جديد وواعد، إلى جانب تحقيق أغراض بيئية عن طريق خفض التلوث الناتج عن
انبعاثات الشعلة في حقول النفط والغاز، ولدعم الابتكار في قطاع الغذاء تم توقيع
اتفاقية لتأسيس شركة تقنيات الغذاء الحيوي مع شركة (مايكو تكنولوجي) الأمريكية التي
سبق أن استحوذ الجهاز على حصة منها؛ وذلك بهدف إنتاج البروتين البديل باستخدام
التمور العمانية.