جريدة
الشبيبة - الأربعاء 2 ربيع الأول 1444هـ -
28 سبتمبر 2022
مسؤول باللجنة العمانية لحقوق الإنسان: سلطنة عمان قطعت شوطًا كبيراً في قضايا حقوق
الإنسان
مسقط - الشبيبة
نظمت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان حلقة عمل
تستمر لمدة 3 أيام بدءًا من يوم الأحد 25 سبتمبر 2022، وجاءت حلقة العمل بعنوان
«اتفاقية مناهضة التعذيب والحماية من الاختفاء القسري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، والتي انضمت إليها السلطنة خلال مطلع عام 2020،
وذلك بحضور حوالي 100 مشارك من مختلف الجهات والمؤسسات المختلفة، كما حصلت السلطنة
على إشادة العديد من المسؤوليين الدوليين في مختلف جهودها ومساعيها في مجال حقوق
الإنسان وما أحرزته من تقدم كبير في التوقيع على الاتفاقيات الدولية في هذا الجانب،
حيث وقّعت السلطنة على 7 اتفاقيات من أصل 9 اتفاقيات دولية في مجال حقوق الإنسان.
وأوضح الشيخ الدكتور هلال بن سعيد الشيذاني، رئيس لجنة العلاقات والمنظمات
والعلاقات الدولية باللجنة العُمانية لحقوق الإنسان في لقاء عبر برنامج «مع
الشبيبة» أن السلطنة انضمنت إلى اتفاقية مناهضة التعذيب والحماية من الاختفاء
القسري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عام 2020
بناءً على المراسيم السلطانية رقم 44 و45 و46. وحول أهمية التوقيع على مثل هذه
الاتفاقيات والإنضمام إلى معاهدات دولية، أشار الشيخ إلى أن هذه الإتفاقيات هي
اتفاقات دولية تؤسس الأطر العامة للتعاملات الدولية سواءً داخليًا أو خارجيًا،
والمشاركة فيها والإنضمام إليها يعزز ويقوي من دور السلطنة وشفافيتها في قضايا حقوق
الإنسان، فكل دولة بانضمامها إلى هذه الإتفاقيات تضع مبادئ تعامل هذه الإتفاقيات
والمعاهدات كأسس للقوانين الداخلية ويجب الموائمة بينها، وبالتالي تكون أكثر
موائمةً وتوافقًا مع القوانين الدولية. وأضاف أنه من الطبيعي في كل دولة أن يتم
التحفّظ على بعض المواد المضمنة ضمن الإتفاقيات والمعاهدات وفق ما تراه مناسبًا،
حيث أن السلطنة هي دولة إسلامية ومن الطبيعي أن ترجع الدول الإسلامية إلى التشريع،
وأساس التشريع هو الدين الإسلامي، وبالتالي فإن كل ما يتعارض مع قواعد وقوانين
التشريع تتحفظ عليه الدولة، وهذا يحدث في كل دولة من دول العالم، حيث تتركز بعض هذه
المعاهدات والإتفاقيات على أطر معينة في التشكيل الداخلي للدول وهو ما يتعارض مع
تشكيلات بعض الدول الأخرى وهذا يعطي الحق لهذه الدول بالتحفّظ تجاه المواد التي لا
تراها مناسبةً لها.
اتفاقية منهاضة التعذيب
كما تم تقديم ورقة عمل خلال حلقة العمل في اليوم الأول من تنظيمها حول اتفاقية
مناهضة التعذيب وغيره من صور المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية
واللامهنية وهو من ضمن الإتفاقيات التي تم التوقيع عليها مؤخرًا، وأشار الشيذاني
إلى أن هذه الإتفاقية أسست في عام 1984، وانضمت إليها مجموعة من الدول وانضمت إليها
السلطنة في عام 2020 وهي من ضمن 3 اتفاقيات تم توقيعها في الفترة الأخيرة، وهذه
الإتفاقية تتحدث عن مناهضة التعذيب بكل أنواعه للموقوفين والمسجونين والمحقق معهم
والمتهمين وغيره وهي تضع الأطر العامة للتعامل مع هؤلاء الناس بحيث تضمن لهم حقوقهم
من الكرامة والاحترام وألا يجبروا عن طريق التعذيب بالاعتراف بما لم يفعلوا، فأي
اعترافات ترد بناءً على التعذيب لا يُعتدّ بها، وتعتبر هذه الإتفاقية منظمةً لهذا
القطاع.
الالتزام بهذه الاتفاقيات
وحول دور اللجنة في ضمان الالتزام بهذه الاتفاقيات ودورها على المستوى المحلي في
التأكد من أن مثل هذه الممارسات لا تحدث، أشار الشيخ إلى أن هذه الممارسات يحددها
القانون، لذلك فإن النظام الأساسي للدولة ضمن حرية الكرامة الإنسانية لكل فرد موجود
على أرض هذا الوطن، لذلك فإن أي مخالفة في هذا الجانب وسلوك مسلك التعذيب هو مخالفة
للنظام الأساسي للدولة قبل أن يكون مخالفة لاتفاقية مناهضة التعذيب، وبالجانب الآخر
فإن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان تقوم بزيارات دورية للسجون ومراكز التوقيف
وتتطلع وتتواصل مع الجهات المعنية، وإذا ما وردها أي شكوى معينة في هذا المجال
فإنها تقوم بالتواصل مع جهات الإختصاص وتبحث عن ملابسات هذه المسألة، ودور اللجنة
هو كدور أي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وهي العامل المحايد في الدولة الذي يضمن حقوق
الإنسان بالتعاون مع الحكومة ومع جهات الإختصاص الأخرى.
إستقلال تام
وأضاف أن المرسوم السلطاني رقم 57/2022 أعطى اللجنة العمانية لحقوق الإنسان
الإستقلال التام في التعامل مع القضايا المختصة بحقوق الإنسان، كما تعكف اللجنة على
إعادة هيكلتها وتشكيلتها الداخلية بما يتوافق مع النظام الجديد، ومع ذلك فإن اللجنة
منذ تأسيسها في عام 2008 وهي تسير على النهج التوافقي وتواصل مباشر وتوجد زيارات
ميدانية للسجون ومراكز التوقيف وغيرها من الأماكن ذات العلاقة وذلك قبل الحصول على
الإستقلال التام، وتقوم اللجنة الآن بدراسة التكليف السامي لحضرة صاحب الجلالة
السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - لمنحها الإستقلال التام من أجل
مواكبة لوائحها الداخلية وآلية تعاملها في المستقبل القريب.
وأوضح أن واحدة من المؤشرات للإنضمام إلى هذه الإتفاقيات هو إما أن القوانين
الحالية المطبقة هي في أصلها متوائمة مع هذه الإتفاقيات وبالتالي فإنه يتم إخراج
بعض النقاط المتحفظ عليها مثلما ذكر سابقًا فقط، أو أن الدولة تعمل على موائمة
القوانين بما يتوافق مع هذه الإتفاقيات لأن هذه الإتفاقيات تسري مسرى القوانين في
الدولة متى ما تم إعتمادها والإنضمام إليها.
كما تتضمن الجلسة الرابعة من حلقة العمل الحديث حول حماية الأشخاص من الاختفاء
القسري، وهي تعتبر من الاتفاقيات الثلاث التي تم التوقيع عليها من قبل السلطنة، حيث
أن هناك حقوق ضمنها المشرّع لكل من يتم التحفظ عليه من قبل الجهات المعنية في
الدولة بأنه له حقوق منها توكيل محامي والتواصل مع أهله وغيرها من الحقوق المدنية
الأخرى التي يحق له ممارستها، واللجنة تقوم بدورها في ضمان أن كل شخص حصل على جميع
هذه الحقوق، وأشار الشيخ إلى عدم ورود أي بلاغات حول الاختفاء القسري وذلك خلال
مراجعته للإحصائيات التي تصدر عن لجنة الرصد وتلقي البلاغات.
أقدم المواثيق الدولية
وحول كيفية إمكانية اسقاط الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حقوق
الإنسان، أوضح الشيخ أن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية يعتبر من أقدم المواثيق الدولية حيث تم اعتماده في الأمم المتحدة عام
1966، وإطار عمله العام هو تحديد مستويات المعيشة وضمان الكرامة الإنسانية وأن
المجتمع يعيش حسب المعيشة المقررة حسب المواثيق الدولية، وتنفيذ هذا العهد يضمن أن
الدولة تراعي جميع فئات المجتمع وبالتالي تعمل على ضمان المعايير الموضوعة في هذه
الجوانب ضمن هذا الإطار.
وأكد الشيخ أن سلطنة عُمان تعتبر من أفضل الدول ضمن سياق حفظ حقوق الإنسان،
والمؤشرات على هذا لا تُقرأ فقط من المشاركات الدولية أو الإنطباعات التي يتم
التطرق إليها خلال المؤتمرات من مثل ما تم التطرق إليه من قبل سعادة محمد النسور،
رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم
المتحدة، وسعادة سلطان بن حسن الجمالي، الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان
بدولة قطر ورئيس الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وغيرهم خلال حلقة
العمل، وإنما كذلك الوضع العام لحقوق العام وما يتم قراءته من التقارير الدولية وما
تركز عليه، ففي حال أن الوضع غير إيجابي ستكون الإنتقادات والمواضيع كثيرة ومتشعبة
جدًا، ولكن عندما تأتي التحفظات على مواضيع محددة ومحدودة في ذات الوقت فهذا يعني
أن الدولة قطعت شوطًا كبيرًا وأن الصورة والسمعة العامة للوطن إيجابية وتسير إلى ما
هو إيجابي وأفضل.
التقارير الدولية
وأضاف إلى قراءة التقارير الدولية يجب أن تتم بعمق وحذر ولا تؤخذ من عناوينها
وصورتها العامة فقط، وفي بعض الأحيان يحتاج القارئ إلى النظر فيما بين السطور عندما
ترد مثل هذه التقارير، كونها تعود لمنظمات دولية لها أنظمتها واستراتيجياتها
وأجندتها وتوجهاتها بما يتعارض مع بعض التوجهات داخل الوطن، وبالتالي عند قراءة مثل
هذه التقارير والرد عليها فإنه يجب عمل ذلك بحكمة وقبل ذلك قراءتها بحكمة والإطلاع
على التفاصيل بشكل دقيق وفهمها بشكل جيد، وقد تكون هناك مرامي وغايات خلف النص
البسيط والواضح، وفي ظل الإعلام الاجتماعي فإن الأثر البسيط في عبارة واحدة قد تخرج
إلى العامة فإن القارئ قد لا يقرأها قراءةً صحيحة وينشرها بالمعنى الذي فهمه من
خلال قراءته السريعة للنص مما من شأنه أن يخرج به بعيدًا عن المسار الأساسي
للموضوع، ولهذا تعمل اللجنة على توضيح العديد من الجوانب بشكلٍ دائم لتجنب
الإلتباسات التي قد تحدث لدى الكثيرين.
بيئة تشريعية
وحول مساهمة وجود بيئة تشريعية تضمن حقوق الإنسان تتجاوز بعض المعايير في بعض
الأحيان في أن تتواكب وتتوافق السلطنة بسهولة مع الكثير من الإتفاقيات الدولية،
أكّد الشيخ أن الأساس التشريعي في السلطنة هو أساس متين وتعمل سلطنة عُمان على
إعادة صياغة قوانينها وذلك بما تواكب مع الاحتياجات والمستجدات، حيث أنه لم يكن
هناك إعلام اجتماعي قبل 10 أعوام على سبيل المثال ولكن اليوم توجد هذه المنصات في
كل مكان وعلى مستوى العالم، وبالتالي فإن اللوائح والقوانين الداخلية تتأقلم مع
هذا، والتأسيس القانوني موجود في السلطنة بالفعل ولكن هناك جهة أخرى في عُمان وهي
المجتمع العماني نفسه وهو مجتمع يُعرف بالسلاسة والتحضّر واليسر في التعامل والسلام
الداخلي الذي يعيش فيه المجتمع وبالتالي لا توجد الكثير من الإشكاليات التي قد
تحتاج إلى تغطيتها بالقوانين أو التدقيق عليها بالتدقيق التفصيلي مثل بعض المجتمعات
التي تكون فيها إشكاليات كبرى، لذلك فإن السلطنة حققت ووازنت بين كفّتي الميزان في
هذا الجانب بحيث يوجد مجتمع واعي وتأسيس قانوني وتشريعي راسخ والذي يتجدد ويتواكب
مع المتغيرات.
التدخل السريع
وإجابةً على كيف تضمن اللجنة التدخل السريع في بعض الحالات التي قد تشهدها في
السلطنة رغم ندرتها في بعض الأحيان، أوضح الشيخ أنه ليس في الجهاز التنفيذي من
اللجنة وإنما عضو فيها، ولكن الجهاز التنفيذي للجنة يكاد يعمل على مدار الساعة بحيث
متى ما وصل أي بلاغ أو معلومة يتم تحويلها بشكلٍ مباشر للعاملين ضمن الجهاز
التنفيذي للجنة من أجل متابعتها ولا يتأخرون في الرد عليها، كما أن المتابعة مستمرة
والتدخل مباشر ويعمل الجهاز التنفيذي على فتح جميع قنوات الاتصالات مع كافة الجهات
المعنية في أي وقت، كما تعمل اللجنة من جانب آخر على التوعية بحقوق الإنسان وهي من
أكثر الركائز التي تقوم عليها اللجان الوطنية لحقوق الإنسان، من حيث التوعية أولاً
بحدود وصلاحيات اللجنة.
النظام الأساسي وفقًا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم (101/96) بإصدار النظام
الأساسي للدولة
مرسوم سلطاني رقم 26 /2017 بتعيين رئيس للجنة العمانية لحقوق الإنسان
مرسوم سلطاني رقم 29 لسنة 2019 بتعيين أعضاء اللجنة العمانية لحقوق الإنسان
مرسوم سلطاني رقم (57) لسنة 2022 بإعادة تنظيم اللجنة العمانية لحقوق الإنسان