جريدة
أثير-
السبت ١٥ يوليو ٢٠٢٣ م، الموافق ٢٧ ذو الحجة ١٤٤٤هـ
بعد العمل
بقانون البيانات الشخصية؛ هل يحق لنا الامتناع عن الإدلاء بها عند طلبها؟
التقدم والتطور الهائل الذي
يشهده العالم اليوم والذكاء الاصطناعي وسرعة الوصول إلى أية معلومات حتى المعلومات
الشخصية – التي قد يُساء استغلالها – جعل من الضروري إضفاء حماية قانونية على هذه
المعلومات، وقد تبنّى المُشـرّع العماني قانونًا خاصًا لحماية البيانات الشخصية هو
قانون البيانات الشخصية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 2022/6 الذي أكمل في 9 فبراير
2022م سنة من تاريخ صدوره ونشره في الجريدة الرسمية، وبدأ العمل به رسميًا، علماً
بأن اللائحة التنفيذية للقانون لم تصدر حتى وقت نشر هذا الموضوع.
“أثير” تواصلت مع سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم الزدجالي رئيس اللجنة التشريعية
والقانونية في مجلس الشورى، لنُعرّف بالقانون أكثر بعد ورود تساؤلات عديدة حوله،
خصوصًا فيما يتعلق بالإفصاح عن البيانات الشخصية، وهل يُمكن لصاحب البيانات الشخصية
الامتناع عن إعطاء بياناته عند طلبها من قِبل مؤسسة تجارية أو طبية أو حتى زيارته
لبعض الجهات التي تطلب البيانات.
ما البيانات الشخصية؟
عرّف القانون في مادته الأولى البيانات الشخصية على أنها البيانات التي تجعل شخصًا
طبيعيًا معرفًا، أو قابلًا للتعريف بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، وذلك بالرجوع إلى
معرف أو أكثر، كالاسم أو الرقم المدني أو بيانات المعرفات الإلكترونية أو البيانات
المكانية، أو بالرجوع إلى عامل أو أكثر خاص بالهوية الجينية أو الجسدية أو العقلية
أو النفسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية.
إذًا؛ هل يحق لصاحب البيانات الشخصية الامتناع عن إعطاء بياناته عند طلبها من أي
مؤسسة؟
أوضح سعادة الدكتور بأن هناك العديد من الأبحاث والدراسات حول موضوع حماية البيانات
الشخصية من الناحية القانونية ومدى تأثير ذلك على قوانين وتشـريعات الخصوصية، ومن
جانب آخر متى تعارض ذلك مع إلزاميات الإفصاح تحت مسمى ما يُعرف بحماية المصلحة
العامة، فنجد أن قانون البيانات الشخصية لا يُضفي الحماية على بعض البيانات، بعبارة
أخرى لا يكون ملزمًا بالإفصاح عنها، وذلك وفقًا لنص المادة (3) منه :
عليه وفي غير الأحوال التي تنصّ عليها المادة سالفة الذكر تكون البيانات الشخصية
محمية ويمكن عدم التصريح بها، إلا أن الإدلاء بالبيانات الشخصية في مثل هذه الأحوال
يكون على نطاق ضيق وللضرورة التي تقتضي ذلك فليس جميع البيانات الشخصية مُصرّح
للإدلاء بها، فالبيانات التي تتعلق بالبيانات الجينية أو البيانات الحيوية أو
البيانات الصحية أو الأصول العرقية أو الحياة الجنسية أو الآراء السياسية أو
الدينية أو المعتقدات أو الإدانة الجزائية أو المتعلقة بتدابير أمنية يُحظر ويمنع
جمعها إلا بعد الحصول على تصـريح بذلك من وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات،
وفقًا للضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة، أي إنه لا يمكن الإدلاء بها إلا
بتصريح.
وأضاف: أما البيانات الشخصية فقد تُرجّح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة في بعض
الأحيان، فجمع مثل هذه البيانات في هذه الأحوال يكون على سبيل الإحصاء أو لدواعٍ
أمنية ورقابية ولا يكون هنالك تخوّف من الإدلاء بها طالما أنها محمية بموجب القانون
ويتعرّض ناشرها للمساءلة والعقوبة، فوفقا لقانون البيانات الشخصية هناك العديد من
الالتزامات والضوابط التي يكون على المعالج والمتحكم إيفاءها قبل/عند جمع البيانات
الشخصية، مثل تحديد المخاطر التي قد تقع على صاحب البيانات الشخصية جرّاء المعالجة
وإجراءات وضوابط نقل وتحويل البيانات الشخصية والتدابير الفنية والإجرائية لضمان
تنفيذ المعالجة وفقا لأحكام هذا القانون.
لكن، إن كانت هناك سياسات عامة وإرشادات عملية للأفراد وإجراءات لحماية سرية
البيانات الشخصية، ما حقوق صاحب البيانات الشخصية وما حقوق الطرف الآخر؟
أكد سعادة الدكتور بأن لصاحب البيانات الشخصية العديد من الحقوق، ولعل أهمها
وأساسها هو الحفاظ وفي كل وقت على بياناته وأن تتمتع بالسرية التامة ويُمنع نشرها
أو تداولها في كل الأحوال إلا في إطار الشفافية والأمانة، واحترام كرامة الإنسان
بعد الموافقة الصريحة لصاحب البيانات الشخصية على أن تكون تلك الموافقة مكتوبة
وبصورة واضحة ومفهومة.
كما أن القانون منح صاحب البيانات الحق في إلغاء موافقته – وذلك مع عدم الإخلال
بالمعالجات التي تمت قبل الإلغاء- وله أيضًا الحق في طلب تعديل بياناته الشخصية أو
تحديثها أو حجبها والحصول على نسخة من بياناته الشخصية المعالجة بالإضافة إلى الحق
في نقل بياناته الشخصية إلى مُتحكّم آخر أو طلب محو بياناته الشخصية ما لم تكن تلك
المعالجة ضرورية لأغراض الحفظ والتوثيق الوطنية، ومن حقوق صاحب البيانات الشخصية هو
أن يتم إخطاره بأي اختراق أو انتهاك لبياناته الشخصية، وما تم اتخاذه من إجراءات في
هذا الشأن.
ما العقوبات والجزاءات المقرّرة؟
بيّن الدكتور محمد الزدجالي بأن حماية البيانات الشخصية عنصر أساسي من عناصر حماية
الحياة الخاصة، وكل من يتعدّى عليها لابد أن يعاقب عقوبة رادعة وزاجرة ويجبر الضرر
الذي يرتكبه، فنطاق الحق في الخصوصية يشمل بالضرورة حماية البيانات الشخصية.
وأضاف: الحديث عن العقوبة يأتي بعد الحديث عن الخطأ أو ارتكاب الفعل المُجرّم،
والفعل المُجرّم يكون استخدام تلك البيانات دون موافقة من صاحب البيانات أو
استخدامها في غير الأغراض والاستثناءات التي حددها القانون.
وأشار سعادة الدكتور في ختام حديثه لـ “أثير” إلى أن تلك القوانين بصورة عامة حددت
عقوبات رادعة قد تصل للغرامة ومصادرة الأدوات التي ارتكبت بها الجريمة وفي بعض
الأحيان السجن بالإضافة إلى التعويض الشخصـي عن أي ضرر حقيقي يكون قد لحق بصاحب
البيانات الشخصية.
ويُمكن للقارئ الكريم الاطلاع على القانون كاملا من خلال هذا الملف:
مرسوم
سلطاني رقم (6) لسنة 2021 بإصدار النظام الأساسي للدولة
مرسوم سلطاني رقم (6) لسنة 2022 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية