الأربعاء 13 شوال
1434هـ 21 من أغسطس 2013م العدد(10969)السنة الـ42
جريدة الوطن
حماية المستهلك في العقود الدولية
تنتشر في الآونة
الحالية العقود الدولية ، أو ما يطلق عليها -بعض الفقهاء- العقود العابرة للحدود،
سواء كان طرفي العقد من التجار أو كان أحد طرفي العقد تاجرا والطرف الأخر مستهلكاً
، وتتميز هذه النوعية من العقود بأن لها معاملة خاصة وتتحرر نوعا ما من قبضة
القوانين الوطنية، وتخضع لقواعد القانون الدولي الخاص.
ولقد حاولت في هذا المقال المختصر أن أسلط الضوء على العقد الدولي الذي يكون أحد
طرفيه هو المستهلك ويكون الطرف الآخر هو التاجر المحترف، وعلى وجه الخصوص مدى
الحماية التي يوفرها القانون العماني للمستهلك في هذه النوعية من العقود، سواء كان
في قانون حماية المستهلك رقم 81/2002 أو في أي قانون آخر.
ومن المهم قبل الشروع في شرح الموضوع أن نبسط الفكرة للقارئ الكريم بتحديد معنى عقد
الاستهلاك الدولي ، وهو أن يتعاقد مستهلك في سلطنة عمان مع تاجر محترف في دولة
أخرى. فعلى سبيل المثال مستهلك في عمان يتعاقد مع تاجر من مملكة هولندا لشراء سلعة
أو الحصول على خدمة من التاجر، سواء عن طريق استخدام الوسائل الحديثة (الانترنت) أو
أي وسيلة أخرى من وسائل التعاقد.
والسؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن هو: ما هي المحكمة المختصة والقانون الواجب
التطبيق في حالة نشوب نزاع بين طرفي العقد؟ فمثلاً في حالة إخلال أحد طرفي العقد في
الوفاء بالتزامه، كأن يسلم البائع بضاعة غير المتفق عليها في العقد، أو أن المستهلك
لم يقم يتنفيذ التزامه بدفع الثمن. كيف تتحدد المحكمة المختصة، وما هو القانون الذي
تطبقه؟
والجواب أنه باستقراء قانون حماية المستهلك العماني، وقانون الإجراءات المدنية
والتجارية رقم 29/2002، أو حتى قانون المعاملات المدنية العماني الصادر بالمرسوم
السلطاني رقم 29/2013، لا نجد نصا خاصا يتضمن تحديد المحكمة المختصة أو القانون
الواجب التطبيق على عقود الاستهلاك الدولية ، وهنا إشارة ضمنية على وجوب الرجوع
للقواعد العامة في قانون الإجراءات المدنية والتجارية المتعلقة بتحديد المحكمة
المختصة، والقواعد العامة التي تحكم العقود الدولية وهي تطبيق قانون الإرادة. بمعنى
أنه لا توجد وسائل حماية قانونية للمستهلك على أرض السلطنة في العقود الدولية، فعلى
سبيل المثال يمنح قانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني للقضاء الوطني سلطة
الفصل في المنازعة الناشئة في حالات معينة منها كون المدعي عليه يتوطن أو يقيم في
الدولة، أو في حالة وجود اتفاق بين الطرفين على أنه في حالة نشوب نزاع بين طرفي
العقد تكون المحكمة المختصة بنظر النزاع هي المحكمة العمانية . وفيما يتعلق
بالقانون الواجب التطبيق على النزاع فهو متروك لقانون الإرادة وهي بدون شك ليست
بالحماية الكافية خصوصا عند الأخذ بعين الاعتبار أن المستهلك هو الطرف الضعيف، قد
لا يستطيع أن يتحمل التكلفة الباهضة من مصاريف السفر وتوكيل محام أجنبي، وأيضا جهله
بالقانون الأجنبي؛ من أجل مقاضاة التاجر الذي قد يختار المحكمة والقانون الذي يوفر
له حماية أكبر ولا يوفر أي حماية قانونية للطرف الضعيف (المستهلك) .
وهذه الأسباب وغيرها دفعت بعض الدول في أن تسارع في تعديل قوانينها لحماية المستهلك
في العقود الدولية سواء المتعلقة بالاختصاص القضائي الدولي أو المتعلقة بالقانون
الواجب التطبيق. فعلى سبيل المثال القانون الدولي الخاص السويسري في المادة 114
يعطي المستهلك الخيار في رفع دعواه باختياره أمام محكمة موطنه أو محل أقامته أو
أمام محكمة موطن مقدم السلعة أو الخدمة ...الخ . وفيما يتعلق بالقانون الواجب
التطبيق فقد أخذت اتفاقية روما The Rome I Regulation (EC) No 593/2008 المبرمة بين
دول السوق الأوروبية المشتركة في المادة (6) على تطبيق قانون إقامة المستهلك عند
إبرامه عقد دولي مع التاجر المحترف، على الرغم ان اتفاقية روما قد انطلقت من مبدأ
حرية الأطراف المتعاقدة، إلا أن هذا الاختيار يتقيد ببعض القيود في مقدمتها حماية
الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية (مثل المستهلك والعامل ). وهذا النص ينتقده بعض
الفقهاء في شأن عقود الاستهلاك الدولية حيث لو تم تطبيق القانون الاصلح للمستهلك
لكان أفضل سواء كان قانون اقامة المستهلك أو قانون إقامة التاجر.
لذلك نحث من خلال هذا المقال أن يحذو المقنن العماني حذو بعض التشريعات الحديثة
التي توفر الحماية الكافية لحماية مواطنيه في عقود الاستهلاك الدولية ، و ذلك من
خلال تدخل المقنن العماني فورا بسد النقص التشريعي في مجال عقود الاستهلاك الدولية،
وتوفير الحماية القانونية للمستهلك التي من شأنها توفير الأمان والطمأنينة
القانونية لدى المستهلك عند إبرامه للعقد الدولي.
مرسوم سلطاني رقم 81/ 2002
بإصدار قانون حماية المستهلك
مرسوم
سلطاني رقم 29/2013 بإصدار قانون المعاملات المدنية
المرسوم
وفقاً لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم 29/2002 بإصدار قانون الإجراءات المدنية
والتجارية
قرار وزاري رقم 49/2007
بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك