جريدة الرؤية الأحد 20
أغسطس 2023 م - ٣ صفر ١٤٤٥ هـ
الدين
العام للدولة في "حدوده الآمنة".. وتراجع إيرادات الغاز ناتج عن "انخفاض محاسبي"
◄ المحرمي: إصدار قانون الدين
العام قريبا
◄الخروصي: السياسات المالية العمانية نجحت في تجاوز أزمة كورونا وتخفيض الديون
◄الوردي: إنشاء شركة الغاز المتكاملة يدعم أداء المالية العامة للدولة
ش
أكد خبراء اقتصاديون أن سلطنة عمان نجحت في تقليص حجم الدين العام، وذلك نتيجة
للسياسات المالية الناجحة وترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، واتخاذ إجراءات مالية لزيادة
الإيرادات غير النفطية، وإدارة المحفظة الإقراضية من خلال إعادة شراء بعض السندات
السيادية بأقل من قيمة إصدارها، وسداد قروض عالية الكلفة واستبدالها بقروض ذات كلفة
أقل، بالإضافة إلى إصدار صكوك محلية للتداول في بورصة مسقط بكلفة منخفضة نسبيا.
ويقول المكرم الأستاذ الدكتور سعيد بن مبارك المحرمي، إن سلطنة عمان حددت الحد
الآمن للدين العام بنسبة 30% من حجم الاقتصاد وتسعى للوصول لهذه النسبة، مبينا أن
الدين العام انخفض إلى 16.3 مليار ريال بنسبة 37%، وذلك بعد أن ارتفع من 1.5 مليار
وبنسبة 4.9% في 2014 إلى أن وصل إلى 20.8 مليار وبنسبة 67.9% في 2020.
ويضيف أن السلطنة ستصل إلى هذا المستهدف من خلال مكونين أساسين، الأول هو حجم الدين
العام والثاني هو الناتج المحلي الإجمالي، إذ إن الوصول إلى هذه النسبة لا يعتمد
فقط على انخفاض حجم الدين العام وإنما يعتمد أيضا على ارتفاع قيمة الناتج المحلي
الإجمالي، كما أن العمل جار لإصدار قانون الدين العام قريبا.
من جهته، يذكر الباحث الاقتصادي ماجد بن عابد الخروصي، أن الاقتصاد العماني تأثر
بسبب تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014، ليتسبب هذا الأمر في تراجع الإيرادات
الحكومية، مضيفا: "لم يكن أمام الحكومة حينها إلا اللجوء إلى الاقتراض، وهذا الأمر
كان بمثابة تحد جديد للاقتصاد العماني وتحد لاستمرارية المشاريع التنموية، ومع
استمرار انخفاض الإيرادات الحكومية التي يأتي غالبيتها من النفط، تنامى الدين العام
للاقتصاد العماني بشكل حاد ومخيف لسد العجوزات المالية التي تراكمت، ليصل إجمالي
الدين الحكومي إلى أكثر من 20 مليار ريال عماني بنهاية عام 2020م، ممثلا ما نسبته
68% من إجمالي الناتج المحلي، كما تجاوز مبلغ خدمة الدين (الفائدة على القرض) مليار
ريال".
ويتابع أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعا لاقتصاديات العالم كله بسبب جائحة كورونا،
إلا أن السياسات المالية التي اتبعتها الحكومة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق
المعظم- حفظه الله ورعاه- ساهمت في معالجة مشكلة ارتفاع الدين العام وتدارك
الأوضاع، بالإضافة إلى الإجراءات التي تم تطبيقعها مثل تخفيض المصروفات وترشيد
الإنفاق، مع تحسن أسعار النفط والغاز واستغلال الفوائض في تقليص المديونية واستبدال
القروض عالية الفوائد بأخرى أقل، لتساهم كل هذه الأمور في إحراز تقدم كبير في خفض
الدين العام.
ويؤكد الباحث الاقتصادي أن الدين العام للاقتصاد العماني حاليا في حدوده المعتدلة
والآمنة، كما أن كثيرا من المراقبين بما فيهم مؤسسسات التصنيف الائتماني وصندوق
النقد الدولي ينظرون بارتياح إلى ما تحرزه الحكومة من نجاحات، ليس فقط على مستوى
السيطرة على تنامي الدين العام، وإنما النجاح في تراجعه.
ويبيّن الأكاديمي والمحلل الاقتصادي الدكتور محمد بن حميد الوردي، أن السلطنة تواصل
منذ العام الماضي تحقيق الفوائض المالية، حيث بلغت الإيرادات حتى منتصف هذا العام
قرابة 6.3 مليار ريال عماني، متضمنة 3.2 مليار ريال عماني عوائد نفطية إضافة إلى
1.1 مليار ريال عوائد الغاز، وكذلك 1.9 مليار ريال عماني إيرادات جارية تتمثل في
الرسوم وضرائب القيمة المضافة وضريبة الدخل على الشركات وغيرها، وأنه في المقابل
بلغت قيمة الإنفاق نحو 5.6 مليار ريال عماني متضمنة المصروفات الجارية وهي الرواتب،
إضافة إلى المصروفات الجارية على مختلف الوحدات الحكومية والتي بلغت 4 مليارات ريال
عماني، فيما بلغت المصروفات الإنمائية نحو 383 مليون ريال عماني، وشكلت جملة
المساهمات الأخرى نحو 775 مليون ريال عماني، ليكون الفائض المحقق قرابة 656 مليون
ريال عماني، والذي يعد منخفضا مقارنة بالفائض الذي تم تحقيقه في منتصف 2022 والذي
بلغ قرابة 784 مليون ريال عماني.
ويرجع الوردي سبب انخفاض الإيرادات بنحو 6% إلى انخفاض صافي إيرادات الغاز، بسبب
إنشاء شركة الغاز المتكاملة والتي ستتولى التعامل مع تكلفة شراء ونقل الغاز والتي
تبلغ 1.6 مليار ريال عماني في السنة؛ حيث إن أحد أهداف إنشاء شركة الغاز المتكاملة،
استبعاد مصروفات شراء ونقل الغاز من الميزانية العامة للدولة، وتوريد صافي إيرادات
مبيعات الغاز للخزانة العامة؛ إذ إن الشركة ستكون مسؤولة عن مصروفاتها التشغيلية
ولن يتم احتسابها ضمن مصروفات الميزانية العامة للدولة، موضحا: "من المنطقي عند
مقارنة الإيرادات في هذا العام بالعام المنصرم ملاحظة وجود انخفاض يُمكن وصفه
بـ"المحاسبي"؛ نتيجة لتأسيس هذه الشركة وهذا يدعم أداء المالية العامة للدولة".
ويشير إلى أن السبب الآخر وراء انخفاض صافي إيرادات الغاز هو انخفاض الأسعار
الفورية للغاز في الأسواق العالمية.
ويقول إن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات التصنيف الإئتماني العالمية مثل
ستاندرد آند بودز وموديز وغيرها، سلطت الضوء على الإصلاحات الاقتصادية في السلطنة
وعلى نظرتها المستقبلية لتوقعات النمو الاقتصادي الوطني، وكان آخر هذه التقارير
التي صدرت من صندوق النقد الدولي أنه بالرغم من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وخصوصا
في الدول المتقدمة، نتيجة لارتفاع معدل الفائدة والتي انتهجتها البنوك المركزية من
أجل خفض جماح التضخم، إلا أنه من المتوقع أن تواصل الاقتصادات الخليجية ارتفاع
معدلات النمو، ومن المتوقع أن تواصل السلطنة حتى في السنوات المقبلة معدل نمو
اقتصادي حسب ما هو مخطط له بنحو 2.7% في عام 2024، والذي بدوره سيصب في تحفيز
معدلات النمو الاقتصادي، والذي سيعمل تباعا على خفض نسبة المديونية.
ويؤكد الوردي أن أي تحسن في الاقتصاد الوطني وفوائض الموازنة سينعكس بالتبعية على
تراجع الدين العام، ومن ثم تحسُّن التصنيف الإئتماني للسلطنة، والذي سيساعد في
زيادة معدلات النمو الاقتصادي في السلطنة وتنمية الاستثمارات المحلية والأجنبية على
حد سواء.
مجلس
الدولة يناقش «مشروع قانون الدين العام»
غدا..«الدولة» يناقش قانون الدين العام وعددا من الدراسات
مجلس الدولة يناقش «مشروع قانون الدين العام»
ويقر عددا من الدراسات