جريدة الوطن- الأربعاء
30 أغسطس ٢٠٢٣ م، الموافق
14 صفر ١٤٤٥هـ
فـي انتظار «محكمة العدل العربية»
على الرغم من كثرة الخلافات (تجنُّبًا لألفاظ من نوع «نزاعات» أو «خصومات»)
البَيْنيَّة العربيَّة ـ العربيَّة، بقي مشروع «محكمة العدل العربيَّة» حبيسًا في
ملفات جامعة الدوَل العربيَّة، لبالغ الأسف.
للمرء أن يستذكرَ هذا الموضوع الحسَّاس والمُهمَّ في وقتٍ تقترب به الخلافات أعلاه
من نقطة الانفجار واللاعودة شيئًا فشيئًا. لذا، توجَّب على وزارات الخارجيَّة في
دوَلنا العربيَّة المطالبة بإخراج ملف محكمة العدل العربيَّة المَنسي، الذي غَدَا
أشْبَه بملف جامعٍ لغبار الزمن، برغم أهمِّية العناية به وضرورات تفعيل «المحكمة»
المنتظرة، بل إنَّ المؤلم هو تعمُّد بعض الحكومات العربيَّة الذهاب إلى «لاهاي»
(محكمة العدل الدوليَّة) International Court of Justice لإيجاد أحكام وقرارات من
شأنها حلُّ مشاكلها مع دوَل «شقيقة» وجارة بمعنى الكلمة!
أليست هذه الحال من الغرائب التي تستحقُّ التحرُّك الحكومي والإقليمي، بل وحتى
الشَّعبي، من أجْلِ تأسيس وتفعيل «محكمة العدل العربيَّة» التي ـ كما يبدو ـ
تنتظرها أعداد لا بأس بها من النزاعات الحدوديَّة والتجاذبات المضادَّة وملفات
الخصومات التي تعكِّر صفو الأجواء الأخويَّة القوميَّة التي ما فتئت تستردُّ
عافيتها بعد زلزال غزو العراق للكويت؟
وإذا ما أراد المرء مراجعة القضايا والملفات المزدحمة في انتظار أن تبتَّ بها
المحكمة المنتظرة، أُسوة بمحكمة العدل الدوليَّة في لاهاي، فإنَّه لا بُدَّ أن
يتفاجأَ بقائمة طويلة من الإشكالات والقضايا التي لا تتطلب الاسراع بتشكيل هذه
المحكمة، بل كذلك تتطلب استلالَ أفضل وأذكى القضاة والحكَّام العدول لهيئة هذه
المحكمة ولادِّعائها العامِّ.
للمرء أن يلاحظَ هذا الموضوع الحسَّاس على سبيل حسم الإشكالات التي تكهرب الأجواء
القوميَّة وتوتّرها على نَحْوٍ ينذر بالتقاطعات وبالمزيد من التراكمات
النَّفْسيَّة.
هذه الحال هي مدعاة ـ للأسف ـ لأنَّ هذه «المحكمة» كانت ضِمْن برامج وخطط جامعة
الدوَل العربيَّة منذ وضع الزعماء العرب إمضاءاتهم على بروتوكولها في الإسكندرية
يوم 6 أكتوبر، 1944 الذي عبَّد الطريق لتأسيس جامعة الدوَل العربيَّة.