جريدة
عمان 25 جمادى الأولى 1445هـ - 09 ديسمبر 2023م
التسول ظاهرة
غير حضارية مرفوضة مجتمعيا
التسول ظاهرة تتعدد مظاهرها
وتتنوع أشكالها وطرق تنفيذها، تلك الصورة التي يحاول ممارسوها استعطاف الناس بغرض
الحصول على المال، في ظاهرة غير حضارية تتزايد وتيرتها في بعض الفترات، وتشكل
أحيانا سلوكا قد يضر بالحركة السياحية في حال استمرارها وتناميها الأمر الذي بات
مقلقا اجتماعيا، أناس يستعطفون المارة بطرق شتى فمنهم من يستخدم الأطفال لاستعطاف
الناس ومنهم من يحضر الأوراق موقعة من بعض الشخصيات لإثبات احتياجه وتنفيذ مراده،
أسباب يسوقها من سمح لنفسه الولوج إلى هذا الطريق المنبوذ دينيا واجتماعيا
وأخلاقيا، ويمكن أن تشكل خطرا على المجتمع، ورغم العقوبات المنصوص عليها في قانون
الجزاء العماني الذي اعتبر ظاهرة التسول مجرّمة بنص القانون: «يعاقب بالسجن مدة لا
تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ريالا عمانيا ولا تزيد على 100
ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من وُجد متسولا في المساجد أو الطرق أو
الأماكن العامة أو المحلات العامة أو الخاصة»، وتضاعف العقوبة في حالة التكرار، وفق
ما نصت عليه المادتان (297) و(298) من قانون الجزاء العماني، اللتان تنصان على أنه
يعاقب كذلك كل من استخدم طفلا في جريمة التسول، وفي هذه الزاوية من صحيفة عمان
نحاول في هذا الاستطلاع معرفة الرأي العام حول هذه الظاهرة وأسبابها وكيفية الحد
منها من وجهة نظرهم التي أكدت على رفض الظاهرة.
في البداية قالت الدكتورة أمل بنت أحمد بن ناصر الرحبية: انتشار ظاهرة التسول باتت
بارزة في الآونة الأخيرة وبأشكال متعددة، في الأسواق والمراكز التجارية ومحطات
تعبئة الوقود، وأثناء وقوف المركبات عند الإشارات الضوئية سواء ببيع الماء أو
التجول بتحاليل وفحوصات، أو صور لمشاكل صحية، وذلك لاستدرار عطف وشفقة الآخرين،
وهذا الأمر يؤثر بشكل سلبي على صورة سلطنة عمان ويعكس مظهرا غير حضاري؛ لأن بعض
المتسولين باتوا يرتدون الدشداشة العمانية، وهذا أيضا يسبب إزعاجا للمارة، خصوصا أن
بعض هؤلاء المتسولين يلجأون لسرد القصص المحزنة، أو حمل المستندات الطبية والصور
العائلية، وأعتقد أن هذه الفئة تستغل حاجة فئة أخرى، حيث يكون هناك محتاج حقيقي
ومحتاج غير حقيقي، وهو الأمر الذي يُضلل من خلاله الشخص فيعزف عن إعطاء المحتاجين
الحقيقيين بسبب تعرضه لموقف من أحد المتسولين غير المحتاجين.
وفي الواقع نستغرب كيف لشخص زائر يأتي للسلطنة ويقوم بهذا الفعل وهنا نتساءل كيف
استطاع حجز تذكرته لسلطنة عمان؟ وكيف وصل وهو لا يملك المال؟ إنها حالات ربما على
الجهات الرقابية أن تقوم بدورها في محاسبة هؤلاء المتسولين لترحيلهم لبلدانهم.
عدم التساهل
من جانبها قالت مريم بنت خلفان المعمرية: من وجهة نظري الظاهرة تعكس صورة غير
حضارية نهائيا للمكان الذي تنتشر فيه، ويبدأ تدريجيا عدد الزائرين في الانخفاض سواء
كان في سوق تجاري أو غيره وبالتالي تبدأ الآثار السلبية تظهر واضحة اقتصاديا
واجتماعيا بصورة خاصة وحضاريا بصورة عامة، وهنا يجب أن تُتخذ الإجراءات القانونية
للحد من هذه الظاهرة سواء بتوعية الزائرين في عدم التساهل مع هذه الفئة والإبلاغ
فورا عنهم، كما أن وجود كاميرات مراقبة ولوحات إنذار كفيلة لتوجيه رسالة حازمة
لهؤلاء الأشخاص للابتعاد فورا والتوقف عن هذه العادة الدخيلة على مجتمعنا.
وأضافت: أرى أن الحد من عمليات التسول وانتشارها لا يمكن أن يتم إلا بزيادة الوعي
المجتمعي بخطورة هذه الظاهرة وتنبيه أفراده بمختلف الوسائل لعدم الاستجابة للمتسول
والامتناع عن إعطائه أي مبلغ مالي، مع ضرورة الإبلاغ عن المتسول للجهات المختصة
لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتسول لمحاصرة هذه الظاهرة ووأدها، موضحة أن
الإسلام نهى عن التسول كون من يقوم بهذا الفعل يفقد كرامته وقيمته، والإسلام كرم
الفرد وصان حقوقه من الذل والمهانة، والاستعطاف والتسول سلوك يتنافى مع كرامة
الإنسان لذلك يجب القضاء على هذه الظاهرة بتعاون جميع أفراد المجتمع.
ظاهرة سلبية
وقال محمد بن خميس بن محمد الحسني: تعتبر ظاهرة التسول من الظواهر السلبية التي يجب
الوقوف عندها والحد منها؛ لأنها تنشط في بعض فصول السنة فتجد المتسولين من بعض
المقيمين في السلطنة من الدول العربية في فترة من الفترات ينشطون بكثرة عندما تكون
هناك مناسبات ما أو عند صلاة الجمعة وفي الجوامع ذات الأعداد الكبيرة من المصلين.
وأضاف: هذه الآفة دخيلة وخطيرة على مجتمعنا العماني، خاصة عندما يتم استغلال
الأطفال الصغار في عملية التسول كون أن الإنسان رحيم بطبعه بالصغار وكبار السن،
لذلك يعمد المتسول متوسط العمر والشاب لتحقيق مراده وغايته من التسول باستخدام
الأطفال الصغار لاستعطاف الآخرين وجمع الأموال وهذا إجرام بحق الطفولة وكرامة
الإنسان، ومنهم من يظهر بملابس بالية والتظاهر بالحاجة للحصول على المال ولو
اليسير، موضحا أن المجتمع العماني مجتمع طيب وسمح ويتعامل مع المتسول معاملة حسنة
حتى وإن كان المتسول شابًا أو شابة من مبدأ حسن المعاملة وكذلك تيمنًا بقول الخالق
عز وجل: (وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث) فتجد بعض الناس يتعاملون
بالقبول أو الرفض ولا يلجأ للتبليغ عنهم للجهات المسؤولة، وهذا الأمر يساعد على
تشجيع المتسول وأقرانه ممن يمتهنون هذه الظاهرة على الاستمرار في هذا الأمر، لذلك
تشاهد بين فينة وأخرى فئة من النساء العربيات المقيمات في سلطنة عمان يتجولن في
المراكز والمجمعات التجارية وفي الجوامع والمساجد للتسول مع أطفالهن الصغار لذلك
يجب على المجتمع أن يتعاون ويقوم الفرد أولا بعمليات التبليغ عنهم حتى يتم القضاء
على هذه الظاهرة.
وأشار أنه للقضاء على هذه الظاهرة يجب أن يتكاتف الجميع ويتعاون للحد منها، فعندما
يواجه المتسول يقوم بنصحه وتوضيح خطورة هذا الأمر وعقوبة من يقوم به، وفي حالة عدم
الاستجابة يقوم بالإبلاغ عنه للجهات المختصة الخاصة بمكافحة التسول.
التسول وتأثيراته
وشارك زكريا بن خلفان الزكواني في الرأي فقال: التسول ظاهرة أصبحت تلازم بعض
الأماكن لا سواها، كالمساجد وإشارات المرور وأينما وجد الاكتظاظ وجدت هذه الظاهرة،
وفي الواقع أن الأسباب تتعدد والنتيجة واحدة أطفال وأمهات وكبار سن أمام نافذة
السيارات أو أثناء تسوقك يطلبون ما تستطيع تقديمه لهم، ظاهرة باتت تستعطف الجميع من
أجل أن يجد المتسول مراده، ولكن السؤال يبقى ما هي توابع هذه الظاهرة؟ لا شك في
أنها تلامس جوانب عديدة من حياتنا وتعصف بالسياحة إن زادت عن حدها بطرق مباشرة وغير
مباشرة. لذلك من الأولى العمل على الحد من مثل هذه الظواهر والنظر في أسبابها.
وأضاف: انتشار التسول يمكن أن يضعف الأمان والاستقرار في المجتمع، فيمكن أن يقوم
بعض المتسولين بممارسات سلوكية سلبية كالسرقة ونحوها للحصول على المال وبالتالي
يمكن كما ذكرت سابقا أن يؤثر هذا الأمر على السياحة وتجنب البعض زيارة ذلك المكان،
كما أن التسول يفقد من خلالها الإنسان لكرامته، نتيجة رد الآخر في بعض الأحيان، كما
أن التسول يجعل من الشخص اتكاليا لا يعتمد على نفسه في العمل، ولا يبذل أي جهد لكسب
المال والرزق بالطرق الصحيحة لذلك يجب أن تحارب هذه الظاهرة من الجميع للحد منها في
بلدنا العزيز سلطنة عمان.
وقالت بدرية بنت خلفان الجابرية: «ظاهرة التسول أصبحت من الظواهر التي كثيرا ما
تصادفنا في عدد من الأماكن كمراكز التسوق ومحطات تعبئة النفط وفي الأحياء، وتشكل
هذه الظاهرة خطورة كونها تُمارس من قبل أفراد دخيلين على المجتمع ويمتهنون التسول
للكسب مستغلين تسامح أفراد المجتمع وتعاطفهم وقيمهم، كما أن هذه الظاهرة تجعل الفرد
يتشكك بين المتسول والمحتاج الفعلي وبالتالي قد يُحرم هذا المحتاج من المساعدة، ولا
تقتصر ممارسة ظاهرة التسول على الأماكن العامة بل تعدت ذلك ليتجول المتسول أو
المتسولة بين الأحياء طارقين أبواب البيوت وهناك من يتجاوب معهم فيدخلهم بيته وفي
هذا خطورة فقد يترتب على ذلك حدوث ظواهر أخرى كالسرقات أو الاعتداء بشتى أشكاله،
لذا فإن الوعي بهذه الظاهرة لا سيما لدى كبار السن الذين يتعاطفون كثيرا مع هذه
الفئة ولا يدركون أن هذه الفئة تحتال عليهم، إلى جانب التنسيق بين الجهات المعنية
لنشر الفرق أو الأفراد للقبض على المتسولين ونشر أسمائهم وصورهم عبر الإعلام
ليكونوا عبرة لغيرهم، مع الإعلام عن الخط الساخن للإبلاغ عن أي متسول.
المرسوم السلطاني وفقًا لآخر تعديل -مرسوم سلطاني رقم 7 / 2018 بإصدار
قانون الجزاء
وزارة التنمية الاجتماعية قرار وزاري رقم 21/ 2011 بإصدار قواعد وإجراءات مكافحة
ظاهرة التسول