جريدة أثير 16 ذو
الحجة 1445هـ - 22 يونيو 2024م
أحكام الاحتيال
في القانون العماني
من الجرائم التي تقع على الأموال
المملوكة للأشخاص التي حرص القانون على حمايتها ومعاقبة كل من تسول له نفسه بالمساس
بهذه الأموال المملوكة للآخرين هي جريمة الاحتيال.
وقد نصت المادة 349 من قانون الجزاء على أن : “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (٣)
ثلاثة أشهر، ولا تزيد على (٢) سنتين، وبغرامة لا تقل عن (١٠٠) مائة ريال عماني، ولا
تزيد على (٣٠٠) ثلاثمائة ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حصل من الغير
على نفع غير مشروع لنفسه أو للآخرين باستعماله إحدى طرق الاحتيال، أو باتخاذ اسم
كاذب أو صفة غير صحيحة وتشدد العقوبة على ألا تجاوز الضعف إذا وقع فعل الاحتيال على
شخص دون (١٨) الثامنة عشرة من عمره أو على بالغ لا يملك كامل قواه المميزة.”
لذا؛ فإن جريمة الاحتيال تقوم باستعمال الفاعل لأفعال الخداع التي تمكنه من الحصول
على مال الغير، وكي تقوم جريمة الاحتيـال لابد أن يقوم الفاعل باستعمال إحدى
الوسائل الاحتيالية، وهي استعمال طرق احتياليـة أو التصرف في مال منقول أو غير
منقول ليسـت له صفة للتصرف به، أو اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة.
الطرق الاحتيالية: لـم يـرد تعريف للطـرق الاحتيالية في القانون، ذلك أنه لا يمكن
وضع تعريف شامل لكل الطرق التي يستخدمها الجناة في الحصول على مال الغيـر، وتعد
الطـرق الاحتيالية من أكثر وسـائل الاحتيال شيوعا، لذا فإنها تعرف بـ: «ادعاءات
كاذبة يدعمها الجاني بمظاهر خارجية من شأنها إيهام المجني عليه بأمر من الأمـور
التي نص عليها القانون على سبيل الحصر وهي:
1 ـ الادعاءات الكاذبة: وهي تتمثل في فكرة خداع المجني عليه، فلا بد من الكذب
للاحتيال على المجني عليه ويعني ذكر شـيء مخالـف للحقيقة.
فعلى سبيل المثال من يذكر لآخر وجود مشـروع يحقق أرباحا طائلة يعد كاذبا إذا كان
هذا المشـروع موجودا فعلا ويحقق أرباحا إلا أن هذه الأرباح ليست كثيرة؛ إذ إن وصف
الربح بأنه كثير انصب على مسألة جوهرية تؤدي إلى إيقاع المجني عليه في الغلط.
۲ – تدعيم الكذب بمظاهر خارجية: كي تتحقق الطرق الاحتيالية لابد من دعم الكذب الذي
يدعيه الفاعل ببعض المظاهر الخارجية التي تؤيد تلك الادعاءات، حيث إن هذه العناصر
توحي بالثقة عند المجني عليه بأنها صادقة، ويمكـن حصر العناصر التي يستعين بها
الفاعل كالاستعانة بالظروف للتدليل على كذبه أو بتدخل شخص ثالث.
– تتخذ هذه الظروف صورا عديدة نذكر منها: أنه قـد يتظاهر المحتال بأنه قادر على
القيام بأعمـال العلاج وشـفاء الأمـراض أو باتصاله بالجن والتخاطب معهم، ويتخذ لذلك
مـواد مختلفة كالكتابـات والبخور أو يتخذ مكانا ويضع في أحد جوانبه مسجلا تنطلق منه
أصوات غريبة، فهذه الأمور تلقي في روع المجني عليه أنه يخاطب الجن حتى يحصل منه على
المال بدعوى المساعدة في قضاء حاجاته فتقوم بذلـك جريمة الاحتيال، ومن الحالات التي
تقع في واقعنا الحالي أن يقـوم الجاني بمرافقة المجني عليه الذي يرغب في شـراء أرض
إلـى موقع جيـد كمنطقة صناعية ويحمل معه بعض الخرائـط وأدوات القياس ومسـتندات
الأرض ثم يظهر أن الأرض التي بيعت للمجني عليه ليست هي الأرض التي شاهدها، إذ إن
الأرض تقع في منطقة أخرى وليس فيها أي مظهر من مظاهر العمران وأن قيمتها قليلة في
حين أنه دفع مبلغا كبيرا.
– يمكن أن تتخذ الطرق الاحتيالية صورة ظهـور الجاني بمظهر معين، كأن يوهم الغير أنه
من أصحاب الأعمال والشركات فيقـوم بارتداء ملابس غالية الثمن وركوب سيارة جديدة
ويسكن في مسكن كبير مما يوحي بأنه صادق فيمـا يدعيه ويحملهم على تسليم المال.
2- اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة:
“قد يتخذ المحتال اسما كاذبا أو صفة غير صحيحة وتقوم الجريمة وإن لم يقم الجاني
بتعزيز الادعاء بطرق احتيالية أخرى”.
– ولقيام الاحتيال هنا يجب أن يكون المحتال اتخذ الاسم الكاذب أي الاسـم غير
الحقيقي الذي يتخذه المحتال لنفسه، وسواء كان هذا الاسـم لشـخص حقيقي أو وهمي لا
وجود له، ويستوي أن يكون الاسـم كاذبا كله أو بعضه، كمـن ينتحل اسـم عائلة أو
لقبهـا.
-علاوة على ذلك لابد وأن يتخذ المحتال أو الفاعل الصفة غير الصحيحة:
وعلى حسب الرأي الراجح أن الصفة تعني المركز أو المقام الذي يشغله الشخص في المجتمع
بمقتضى انتمائه إلى أسرة معينة أو مصاهرته لها، أو بمقتضى المؤهل العلمي أو الرتبة،
أو بمقتضى العمل في وظيفة أو حرفة أو مهنة أو مهمة قانونية ويكون ذلك باعتبارها
انتحالا لصفة غير صحيحة.
3- التصرف في مال منقول أو غير منقول ليس له الحق بالتصرف به:
نص قانون الجزاء في المادة 350 على هذه الوسيلة، إذ إن الاحتيال يقوم بهـا. وتفترض
هذه الوسيلة أن الفاعـل أو المحتال يتصرف في مـال مملوك للغير ولا يحق له التصرف
فيه، وهذا التصرف يؤدي إلى تسليمه مالا من المجني عليه نتيجـة لوقوعه في الغلط لأنه
اعتقـد بإمكانية المحتـال القيام بذلك التصرف.
ويأتي التجريم بسبب لجـوء المحتالين إلى التصرف بأموال غيرهم، سـواء كانت هذه
الأموال منقولـة أم غير منقولة.
-ويتطلب الأمر في جريمة الاحتيال أن يكون محل الاحتيال له صفة المال: أي إن المحتال
يكون هدفه المال أما ما يحدث مثلا أن يقوم الفاعل بخداع فتاة وحملها على تسليم
نفسها فلا يعتبر احتيالا، ولابد وأن يكون هذا المال ذا قيمة مادية ومملوكا للغير.
وكذلك يجب أن يتوافر الركن المعنوي لجریمة الاحتيال وذلك لأنها مـن الجرائم العمدية
التي يلـزم لتحقيقها توافر القصد الجنائي عنـد الجاني، أي انصـراف إرادته إلى تحقيق
الجريمة مع العلم بأركانها.
والمكلف بإثبات القصد الجنائي في جريمة الاحتيال هو سلطة الادعاء العام حيث إنه هو
المطالب بإقامة الدليل على قيام أركان جريمة الاحتيال. كما يجب أن نذكر أن هناك
طرفا في جريمة الاحتيال يجب وضعه في الحسبان وهو المجني عليه ويجب التفرقة حول ما
إذا كان شخصا بالغا أو لم يبلغ الثمانية عشرة من عمره حيث غلّظ قانون الجزاء
العقوبة بل وضاعفها إذا وقع الجرم على شخص دون الثامنة عشرة من عمره أو على بالغ لا
يملك كامل قواه.
المرسوم السلطاني وفقًا لآخر تعديل -مرسوم سلطاني
رقم 7 / 2018 بإصدار قانون الجزاء