جريدة
الرؤية - الأحد ١٥ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو الحجة
١٤٤٦هـ
تغلغل
العمالة الوافدة غير الماهرة في السوق المحلي يضر بالخدمات ويعرض سلامة المستهلكين
للخطر
يؤكد عدد من المختصين
أهمية تمكين الكفاءات الوطنية وتأهيليها ميدانيا وفق معايير احترافية، وذلك لإعادة
تنظيم سوق خدمات الصيانة والتشغيل، لافتين إلى أنَّ العمالة الوافدة غير الماهرة
تنتشر بشكل كبير وهو ما أدى إلى تراجع جودة الخدمات وارتفاع التكاليف.
ويقول وليد بن سعيد الأزكي رئيس موارد بشرية وشؤون إدارية، إنَّ مهن الصيانة تُعد
من الركائز الأساسية لأي مجتمع حديث، سواء على مستوى المنازل أو المؤسسات أو
المرافق العامة، مشيرًا إلى أنَّ الطلب على هذه الخدمات تزايد بشكل كبير مع اتساع
الرقعة العمرانية والنمو السكاني في سلطنة عُمان.
وأضاف الأزكي: "السوق المحلي بات يعتمد بشكل مفرط على العمالة الوافدة غير الماهرة،
التي غالبًا ما تفتقر إلى التدريب المهني والتأهيل، ما أدى إلى تراجع جودة الخدمات
الفنية وتهديد سلامة المستهلكين، ولقد واجهتُ شخصيًا عدة أحداث، منها تسريب مياه
بسيط تسبب بأضرار إضافية نتيجة ضعف الكفاءة، فضلًا عن مشكلات متكررة مثل التأخر عن
المواعيد، وانعدام الضمانات، وغياب الشعور بالمسؤولية تجاه جودة العمل".
وأوضح أن بعض المهن الحساسة مثل الكهرباء والغاز والمياه تتطلب خبرات دقيقة، ومع
ذلك تُسند إلى عمالة تتعلم المهنة من خلال التجربة والخطأ، ما يؤدي إلى قرارات
خاطئة منذ البداية، ويرفع التكاليف، ويطيل مدة الإنجاز.
أثر اقتصادي سلبي
وأشار الأزكي إلى أنَّ انتشار هذه العمالة يؤدي إلى هروب الأموال للخارج، وحرمان
الاقتصاد الوطني من أي قيمة مضافة، مبينا: "أغلب دخل هذه العمالة يُحوّل للخارج،
بينما الشباب العُماني المؤهل يُقصى من فرص مهنية حقيقية بسبب تفضيل السوق للعمالة
الأرخص، رغم ضعف الجودة والمخاطر المحتملة".
ولفت إلى أنه لا توجد حتى الآن جهة واضحة وفعالة لمتابعة أداء العاملين في هذا
القطاع، داعيًا إلى إنشاء هيئة فنية وطنية تتولى تصنيف وترخيص العاملين الفنيين،
وإلزامهم باجتياز اختبارات مهنية قبل منح تصاريح العمل، إلى جانب رقابة إلكترونية
تتيح تقييم جودة الخدمات من قبل المستهلكين، متابعا: "رسالتي للمسؤولين دعونا نوقف
مرحلة الكم من العمالة غير المؤهلة، ونبدأ مرحلة الجودة؛ فالكفاءات الوطنية إذا
أُتيحت لها الفرصة، ستُحسن الخدمة وتُحافظ على المال داخل الاقتصاد المحلي".
وذكر الأزكي أن توطين المهن الفنية ليس فقط ضرورة اجتماعية واقتصادية؛ بل يمثل فرصة
حقيقية لتعزيز القيمة المحلية المضافة، داعيًا إلى تقدير الأثر الوطني لتوظيف
العمانيين في هذه المجالات، مستشهدا ببيانات الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية
الخاصة والمناطق الحرة (OPAZ)، والتي تُظهر وجود 15 منطقة صناعية قائمة، إضافة إلى
8 مناطق أخرى قيد الإنشاء ضمن منظومة تضم 23 منطقة اقتصادية وصناعية، تحتضن أكثر من
2012 منشأة صناعية حاليًا.
وأوضح أنَّه بتقدير بسيط، فإنَّ الفني العُماني يمكنه أن يحقق دخلًا يوميًا يتراوح
بين 10 إلى 15 ريالًا، أي ما يعادل 200 إلى 300 ريال شهريًا، مضيفا: "لو قمنا
بتشغيل 5000 فني عُماني فقط، فإن الدخل القطاعي سيبلغ نحو1.5 مليون ريال شهريًا، أي
12-18 مليون ريال سنويًا تُضخ في السوق المحلي، ما يرفع القوة الشرائية ويُحرك عجلة
الاقتصاد".
وقدم الأزكي حزمة من المقترحات لتقنين سوق العمل الفني وتحقيق القيمة المحلية
المضافة، من أبرزها: إنشاء معاهد مهنية متخصصة داخل المناطق الصناعية، تركّز على
التدريب العملي بالشراكة مع القطاع الخاص، خطة استراتيجية للتعمين، تتضمن حوافز
للمشغّلين المواطنين وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وفرض الترخيص المهني
الإلزامي، مع اختبارات كفاءة قبل منح تصاريح مزاولة المهنة، وتعزيز الثقافة المهنية
الوطنية من خلال حملات توعوية للمستهلكين، وتحفيز الشباب للانخراط في هذا المسار
المهني، إضافة إلى الاستثمار في العنصر الوطني ضمن الصناعات الصغيرة والمتناهية
الصغر لخلق بيئة تنافسية مستدامة.
من جانبه، دعا صالح بن أحمد البادي رجل الأعمال، إلى ضرورة تنظيم قطاع الصيانة في
سلطنة عُمان بما يضمن الاستفادة من الكوادر الوطنية المؤهلة، مؤكدًا أن السوق
المحلي يعاني من اختلالات بسبب هيمنة العمالة غير الماهرة، ما يتسبب في أضرار فنية
واقتصادية تؤثر على المواطن والمقيم والشركات معًا.

مرسوم سلطاني رقم (53) لسنة 2023
بإصـدار قانــون العمــل