جريدة عمان - السبت غرة صفر 1434 هـ - الموافق 15 من ديسمبر 2012
وزيرة التربية والتعليم
تؤكد لـعمان : الاستشراف المستقبلي يركز على المواءمة مع متطلبات سوق العمل
الانتهاء من بناء معايير وطنية للمناهج
بنهاية العام الدراسي الحالي
حوار – عهود الجيلانية -
أكدت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم سعي الوزارة
إلى تطوير التعليم بمناهجه وبرامجه المختلفة، كاشفة عن خطط الوزارة لاستشراف
المستقبل التعليمي من خلال إصلاح وعمل تقييم شامل للبرامج والخطط الدراسية وإعداد
كوادر عمانية لبناء وتصميم معايير وطنية للمناهج الدراسية المتوقع الانتهاء منها
نهاية العام الدراسي الحالي، والاستفادة من بيوت الخبرة الدولية المختلفة ليتم
بعدها تطوير المناهج بما يكفل تعليما نوعيا متطورا آخذة في الاعتبار الحفاظ على
الهوية ومواكبة المستجدات، ليفتح آفاقا واسعة لسير العمل وفق منهجية واضحة ومحددة.
منوهة معاليها إلى أولويات الوزارة في الربط بين التخطيط بعيد المدى وتوافق التعليم
مع سوق العمل لأن ذلك سينعكس على جودة الإنتاجية في مجالات التنمية المتعددة كما
جاء واضحا في خطاب جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه - (أن
التعليم أساس التنمية ففي مراحله المتعددة ومن خلال مناهجه المتنوعة تعد القوى
العاملة الوطنية اللازمة لإدارة عجلة التنمية وتنفيذ برامجها في شتى الميادين).
وأكدت معاليها على التزام الوزارة فتح أبواب الحوار الراقي والجاد مع الحقل التربوي
في عملية التطوير بما يخدم العملية التعليمية ويساهم في عملية التنمية الشاملة.
وقالت معالي الدكتورة في حوار خاص مع ($): التعليم هو أساس التنمية والمعد الأساس
للقوى العاملة الوطنية لإدارة عجلة التنمية، وتنفيذ برامجها، وذلك لبناء جيل مسلح
بالوعي والمعرفة والقدرات المطلوبة لإنجاز الأعمال بكفاءة ومهنية عالية. ولضمان
الجودة في بناء وتصميم المناهج تقوم الوزارة ببناء معايير للمناهج الدراسية التزاما
منها بأهمية التطوير وتجويد العملية التعليمية بالسلطنة.
إن التوجيه السامي المتعلق بالتعليم وضرورة مراجعة سياساته في مراحله المتعددة،
يشغل أولويات التوجهات الحالية والمستقبلية للوزارة، على اعتبار أن تطوير التعليم
من القضايا المهمة والأساسية.
ويشكل الخطاب الذي ألقاه جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه -
في افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان منظومة عمل وطنية للمرحلة القادمة، من خلال
توجيه رسائل لعدة قطاعات، وذلك لأهمية الالتزام بالعمل الوطني الفاعل والحيوي،
وتشهد السلطنة حلقات عمل متواصلة في كافة القطاعات ومنها قطاع التعليم. فعملية
تطوير المناهج تشهد حراكا وتتميز بالديمومة والاستمرارية، ولا تبحث عن بدايات
فالبداية كانت مع بداية عهد النهضة المباركة.
رؤية مستقبلية
وأضافت: عند الحديث عن المناهج التعليمية لا بد من الرجوع لمسيرة التعليم ومدى
توافقها المرتبط بمتطلبات الفترة الزمنية، ومسيرة التعليم في بدايتها كان الهدف
منها وضع الأساسيات ونشر التعليم حينها استفادت السلطنة من مناهج دول مجاورة إلى أن
تم تأليف مناهج بخصوصية عمانية وإعداد كادر من المعلمين، وفي عام 1998م تم تطبيق
التعليم الأساسي وهو نقطة تحول مهمة في النظام التعليمي بالسلطنة، وسخرت له جميع
الإمكانات لضمان تكوين مخرجات تعليمية قادرة على مجابهة التحديات المستقبلية،
فالعملية التعليمية كأي قطاع لا بد أن يواكب المستجدات على الساحة المحلية
والدولية، وجاء التعليم الأساسي من منطلقات مرتبطة بالرؤية المستقبلية 20/20
للاقتصاد العماني وتوصياتها التركيز على تنمية الموارد البشرية تحديدا بالجوانب
المرتبطة بالعلوم واللغات والتفكير الناقد والقدرة على التحليل، وبناء على هذه
الرؤية تم تبني نظام التعليم الأساسي الذي اختلف اختلافا كبيرا عن النظام السابق من
ناحية طرق التدريس وجعل الطالب هو محور العملية التعليمية بعدما كان متلقيا ويعتمد
على الحفظ، فأصبح هو المحور الأساسي الذي يبحث ويعتمد على مصادر متعددة مع التركيز
على مواد العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية، وهذه النقلة أتت برؤية حكيمة من لدن
صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - وما تتطلبه مسيرة
التعليم من إعداد جيل مسلح بمهارات عالية وهذا النظام حقق أهدافه من ناحية تخريج
طلاب أكفاء.
بناء معايير
وأوضحت معاليها أن مشروعات الوزارة المختلفة من التنمية المعرفية جاءت لتعزز
الثقافة العلمية بتوجيهات سامية كلها مرتبطة بالمنهج، فالمنهج ليس الكتاب المدرسي
فقط لذا كان التوجه واضحا، ولا شك أن ربط جلالته بين مسألتي العمل وتطوير التعليم،
جاءت منسجمة مع مسألة وجود فرص عمل، واستيعاب الكوادر الوطنية في سوق العمل في
الوضع الراهن، فالقطاع الخاص لا شك أنه يبحث عن مخرجات ذات مهارات وقدرات تنافسية
في الكفاءة والقدرة على الإنجاز ومهارة في الأداء وهذا شيء طبيعي، وإن كان من أحد
سيوفر هذه الميزة التنافسية فهو وجود تعليم على مستوى متقدم وفي كل المراحل.
وأكدت معالي الدكتورة أن وزارة التربية والتعليم قائمة على بناء معايير المناهج
لكافة المواد الدراسية، وقالت: تعتبر المعايير ذات أهمية في وجود معايير وطنية، على
سبيل المثال في مادة اللغة العربية يجب أن يدرك المهارات والمعارف المطلوبة فيها
حتى يكتسبها الطالب في كل فصل من الفصول فلا نكتفي بالكتاب والمواد الإثرائية
الأخرى إنما يجب أن تتحقق المعايير تدريجيا في الصف الأول والثاني وهكذا، فهذه
المعايير تساعد المعلم في عملية الرصد والمتابعة والتقييم وتساعد ولي الأمر بما هو
مطلوب منه بصورة واضحة لدى أبنائه وتساعد العاملين في التقويم، ومع وجود المعايير
فإن الاختبارات والامتحانات ستكون مرتبطة بهذه المعايير وتضمن خلال الاختبار وطرق
التدريس تحقيق المعايير فبدونها من الصعب قياس أداء العملية التعليمية.
إعداد كادر عماني
وأضافت:حاليا يعمل فريق من الخبراء مع كادر عماني كأعضاء مناهج لإعداد كادر عماني
متمكن في بناء معايير وطنية فالخبير العماني هو الأساس وبناء هذه المعايير يمر
بإجراءات منها عقد حلقات نقاشية مع شركاء التعليم بالقطاع الخاص لنتطلع إلى ما
يحتاجه القطاع من مهارات يملكها الطالب ومراعاة الجوانب هذه في بناء المعايير
للمناهج ومن المتوقع الانتهاء منها بنهاية العام الدراسي 2013/2012.
وأشارت معاليها إلى أن نهج الوزارة واضح، والعمل فيها تكاملي، حيث إن المعلم في
المقام الأول ممارس العمل بشكل يومي فالتحديات الموجودة في الجانب التطبيقي هو على
دراية بها اكثر عن المختصين، لذا فالمعلم والخبير كلاهما يكمل الآخر، فخبير المناهج
ملم بأسس بناء المناهج من الإطار العام والأهداف ومصفوفة المدى والتتابع وحين البدء
في وضع مفردات المنهج ستكون هناك لجان على مستوى المحافظات والحقل التربوي، على
غرار ذلك عند تأليف مادة التربية الإسلامية للحادي عشر كانت هناك مشاركة من الحقل
التربوي وأيضا لجان التأليف فهناك مشرفون وممثلون في لجان التأليف، فمواد التربية
الإسلامية طورت للصف الحادي عشر وجارٍ العمل في الصف الثاني عشر مع التركيز على
جانب القيم، كما تم استحداث دائرة برامج المواطنة التي تهتم بقضايا مرتبطة بتعزيز
الجانب القيمي والتربية المواطنة من خلال المناهج والمناشط ودعما لجهود الوزارة
والمناهج بهذا الجانب.
مشاركة بناءة
وعن إمكانية حذف مواد دراسية في المرحلة القادمة، أكدت وزيرة التربية والتعليم أن
رؤية الوزارة وإجراءاتها تحرص على الاعتماد على مؤشرات علمية ودراسات دقيقة قبل
اتخاذ أي قرار والوزارة بناء على التوجيهات السامية بدأت بالفعل في تنفيذ عدد من
المشروعات منها بيت خبرة نيوزلندي وقد بدأ العمل معهم وسيتم تشكيل فريق نظير لبيت
الخبرة من الخبراء العمانيين لإجراء تقييم شامل للتعليم، ولدينا بيت خبرة يعمل على
بناء المناهج وبناء قدرات الكادر العماني في بناء المعايير الوطنية للمناهج
وإكاديمية المعلمين، والوزارة في إطار التقييم الشامل للبرامج والخطط، لدراسة
التعليم ما بعد الأساسي في الصفوف (11-12)، ولحين الانتهاء من هذه الدراسات وبناء
على توصياتها وبعد إجراء مشاركة الحقل التربوي وشرائح المجتمع للخروج برؤية واضحة
بما تحتاجه المناهج وتتطلبه من تطوير، واستحداث أو استغناء فالرؤية الحالية معتمدة
على نتائج هذه الدراسة.
وعن مدى توافق المناهج الحالية مع متطلبات التطور الذي يشهده العالم، قالت:
التحديات التي تواجه القطاع التعليمي طبيعية كأي قطاع لا بد أن يتطور مع المستجدات،
أولت وزارة التربية والتعليم اهتماما ملحوظا بضمان جودة مخرجات التعليم والنهوض
بمختلف أنواعه ومراحله، بما يتماشى ومتطلبات التطور سواء الذي تشهده السلطنة أو
العالم، ووفقا للسياسات العامة للدولة، وبما يؤدي إلى بلوغ الأهداف المراد تحقيقها.
ويقوم نظام التعليم في السلطنة على المبادئ التي تضمنتها وثيقة (فلسفة التربية)،
وتم تصميم هذا النظام لتلبية التوقعات الوطنية والعالمية ومنها التركيز على مهارات
العمل والكفايات الشاملة، والمرونة التي تسمح بالتكيف مع الاحتياجات المتغيرة
للمجتمع فيما يتعلق بالمهارات التي يجب أن يكتسبها الطلبة. مثال (عند تطبيق مادة
تقنية المعلومات لتعلم الطالب استخدام الحاسب الآلي) وأصبح الطالب الآن يأتي
للمدرسة وهو على دراية وملم بهذه الجوانب فالحال قد اختلف، فالجيل هذا يوظف
التقنيات الحديثة للمعلومات وحصل عليها من خلال المنابر الأخرى وهذه بحد ذاتها نقلة
كبيرة ولمواكبة هذه المستجدات لا بد من تطور المناهج، فسوق العمل اختلف كليا فقد تم
استحداث مهن ووظائف أخرى فالنظام التعليمي عليه أن يراعي هذه الجوانب على مستوى
العالم.
تحديات عالمية
وأوضحت الدكتورة مديحة الشيبانية أنه عند الحديث عن المهارات والمعارف والاتجاهات
المطلوبة لسوق العمل، وعند الحديث عن التحديات والمواءمة مع متطلبات سوق العمل فهذا
تحدٍ عالمي نتيجة الانفجار المعرفي والمستجدات والتحولات الاجتماعية والاقتصادية
والسياسية مشيرة إلى التقرير السنوي الصادر عن منظمة اليونسكو في رصد التعليم
للجميع، جاء مركزا على التعليم ومتطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى تقرير منظمة الأمم
المتحدة وتركيزه على بناء المواطن الصالح الذي يملك المهارات المطلوبة لسوق العمل.
وتطرقت بقولها: إن التعليم ما بعد الأساسي في الصفوف (11-12) فالطالب فيها يأخذ
مواد عديدة ما بين أساسية واختيارية والمتعارف عليه عالميا في مواد هذه المرحلة
تكون متعمقة، والوزارة تدرس خطط التعليم ما بعد الأساسي في إطار التقييم الشامل
للتعليم وفعلا تسعى إلى إيجاد برنامج يعطي مرونة للطالب في اختيار المواد مع
المحافظة على المواد الأساسية المتطابقة مع معايير الجودة، وحاليا الإطار التعليمي
العام يتواكب مع متطلبات العالم فخريجو دبلوم التعليم العام مقبولون بكافة دول
العالم ولكن نسعى إلى رفع توقعات الطالب العماني فهو مبدع وبإمكانه تحقيق الكثير.
كما يأتي دور المركز الوطني للتوجيه المهني ومن مهامه توفير قاعدة بيانات عن المهن
والوظائف وارتباطها بالمستويات الأكاديمية وبما يتناسب واستعدادات كل طالب وجاهزيته
وقدراته، ووضع تصور عن احتياجات التوظيف في القطاعات المختلفة في سوق العمل والمهن
المرتبطة بها، وتوفير معلومات عن الوظائف المختلفة وطبيعة العمل بها لمساعدة الطالب
في اختيار مهنته المستقبلية، وتزويد الطالب بالمعلومات الكافية عن برامج التعليم
العالي، وشروط الالتحاق بها، وإكساب الطالب مهارات وخطوات البحث عن العمل في
المؤسسات الحكومية والخاصة، وتبصير الطلبة بمنهجية إقامة وإدارة المشروعات الذاتية.
وعن المهارات الأساسية التي يسعى إليها التعليم قالت معاليها: مهارات التواصل،
ومهارات القدرة على استخدام لغة الرياضيات، ومهارات تقانة المعلومات، ومهارات حل
المشكلات، والمهارات الشخصية والاجتماعية. ولا تزال الوزارة مستمرة في مساعيها
لتطوير التعليم، ورفع مستوى جودته بما يتماشى ومتطلبات التطور عالميا ويحقق في
الوقت ذاته احتياجات سوق العمل وفق ضوابط الجودة التعليمية التي تعمل عليها الوزارة
حاليا.
ختاما يجب التأكيد على أن وزارة التربية والتعليم تعمل جاهدة لربط التعليم بسوق
العمل على اعتبار أن التعليم هو الدافع نحو التنمية الشاملة، ولا بد من المضي قدما
في تحسين التعليم، وربط مخرجاته بسوق العمل ومتطلباته، فالتطوير مسألة طبيعية في
كافة الأنظمة التعليمية بالدول المتقدمة، ومرتبطة بالمواءمة بالإضافة إلى دعم
المعلم وإنمائه مهنيا تحديات مرتبطة بتوظيف التقنيات الحديثة في المدارس