الأحد 19 أبريل 2015 م -
٢٩ جمادي الثاني ١٤٣٦ هـ
جريدة عمان
أمين
عام حقوق الإنسان لـ« عمان »: السلطنة تحفظت على 12 توصية لحقوق الإنسان لتعارضها
مع الدين والأخلاق
أكد الدكتور عبيد
الشقصي أمين عام اللجنة الوطنية لحقوق الانسان أن السلطنة تستعد حاليا للاستعراض
الدوري الشامل الذي سيقام في شهر نوفمبر من العام الجاري، لمتابعة تنفيذ التوصيات
التي تم إصدارها في الاستعراض الدوري الشامل في عام 2011 وهي المرة الأولى حيث
وافقت على 104 من التوصيات، و50 توصية أحالتها للبحث في إمكانية تطبيقها، بينما
تحفظت على 12 توصية».
وفي حواره مع عمان عرف الشقصي «الاستعراض الدوري الشامل» قائلا: هو عملية يكون
أساسها استعراض سجلات حقوق الإنسان الخاصة بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة،
وتتم مرة كل أربع سنوات، وهو من إقرار مجلس حقوق الإنسان، ويوفر الاستعراض فرصة
لجميع الدول للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أحوال حقوق الإنسان في
بلدانها والتغلب على التحديات التي تواجهه، كما يتضمن الاستعراض الدوري الشامل
تقاسما لأفضل ممارسات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء الكرة الأرضية بصورة توصيات
تطرحها على الدولة في استعراضها الأول، ثم تتابع تنفيذها في الاستعراض التالي، هذا
يعني أن التوصيات التي حصلت عليها السلطنة حالها كحال أي دولة من دول العالم يتم
النظر إليها بشكل كلي وكيف سارت السلطنة في تنفيذ ما وافقت عليه أو ما طرحته
للتباحث، واستبعاد ما تحفظت عليه السلطنة».
وفيما يتعلق بسبب التسمية أوضح الشقصي قائلا: «يرجع سبب التسمية إلى أن الاستعراض
ينظر في جميع القضايا المتعلقة بحقوق الانسان، وماذا عملت الحكومة من اجراءات خلال
الفترة ما بين الاستعراضين المتتاليين، وتقوم اللجنة بتقديم تقرير مستقل إلى مجلس
حقوق الانسان وقت الاستعراض الدوري الشامل يُسمى (تقرير الظل) وسُمِيَ بذلك لأنه
سيكون موازيا لتقرير تقدمه الحكومة (وزارة الخارجية) تستعرض فيها ما تم انجازه خلال
الفترة الماضية، كما ان مؤسسات المجتمع المدني لها الحق كذلك بتقديم تقرير ظل مستقل
خاص بها، وتتمثل فائدة تقارير التي ستعرض على مجلس حقوق الانسان في الولايات
المتحدة في معرفة ما إذا كانت التقارير -الحكومية والظل- متوافقة مع بعضها أم أن
هناك تناقضات، كما أن تقرير الظل يتصف بالتركيز التام، حيث إن عدد صفحاتها لا
تتجاوز 10 صفحات تركز على ما تم انجازه من التوصيات وكذلك تطرح مرئياتها وتوصياتها
للمجلس، بخلاف الاستعراض السنوي للجنة الذي يرفع سنويا إلى المقام السامي – حفظه
الله ورعاه – ويتسم الاستعراض بالشفافية المطلقة والصراحة».
وأشار أمين عام اللجنة الوطنية لحقوق الانسان إلى أنه في الاستعراض الدوري الشامل
هناك فريق كامل من مختلف المؤسسات ترأسه وزارة الخارجية، وهي صاحبة القرار في
الموافقة على التوصيات وكذلك التحفظ عليها، وفيما يتعلق بتحفظات السلطنة على عدد من
التوصيات فإن الحكومة تحفظت عليها لأنها تنافي الدين والأخلاق الاسلامية والعادات
التقاليد، وبالتالي هذه التحفظات تحفظ المجتمع من التحرر من مبادئه، وهي لا تضر
بالمصلحة العامة لحقوق الانسان».
بلاغات ورصد
وعن آلية سير اللجنة في متابعة انتهاكات حقوق الانسان قال الدكتور عبيد الشقصي:
«هناك دائرة في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان تعنى بأمرين، الأول هو الرصد، والثاني
تلقي البلاغات، أما عملية الرصد فتتم من خلال متابعة أية شاردة وواردة وحتى قصاصات
ورق تتعلق بانتهاكات حقوق الانسان سواء ترد في الصحف المحلية او في برامج التواصل
الاجتماعية والشبكة العنكبوتية والاذاعة والتلفزيون، وعليه يتم تعقب المعلومة
والتحقق من صحتها ومعرفة الأطراف فيها، وأضرب مثالا واقعيا على الرصد وهو متابعة
قضية مواطن لم يجد سريرا لابنته في مستشفى منطقته، وعليه مباشرة تبنينا الموضوع
وخاطبنا وزارة الصحة والجهات المعنية وتم بذلك توفير سرير لها».
وأضاف: «أما تلقي البلاغات والشكاوى فهناك اشتراطات معينة من بينها أن يصلنا خطاب
من قبل المُبلغ، وعلينا أن نتحقق من هويته، ويتم الجلوس مع المُبلغ من قبل المعنيين
في الدائرة وأخذ جميع أقواله وبياناته، ويطلب منه أن يوقع على اقواله، حينها يُدفع
بهذا البلاغ إلى دائرة الشؤون القانونية لدراسة المسألة من الناحية القانونية،
وبعدها يتم مخاطبة الجهة المنتهكة برسائل أو زيارتهم للبحث عن تسوية، ولا نأخذ
الطابع العاطفي ولا تقبل الشكاوى بالهاتف ولا يمكننا أن نبني عليها أية قضية، كما
أنه في بعض الأحيان يأتي أحدهم ببلاغ لا يتعلق بنا، فنحيله إلى الجهات المختصة
الموكلة بحفظ الحقوق مثل الادعاء العام أو الجهات القضائية أو الشرطة، وإذا لم يحصل
على حقه فيمكنه التوجه إلينا».
تأخر الإجراءات
وحول ما يتعلق بانتهاك إحدى الشركات العاملة في الصحراء لحقوق عمالها في شهر رمضان،
حيث الزمتهم بالعمل لمدة 12 ساعة نهارا دون تطبيق قانون العمل، وقد توجه المتضررون
إلى عدة جهات تأخرت عليهم في الرد إلى أن انتهى الشهر. قال الشقصي: «بالنسبة لمثل
هذه الحالات هناك طرق سريعة لإيجاد حل، فهناك نقابات واتحادات عمال هي الأقرب
والأسرع لإيجاد التسوية، كما ان هناك دائرة الرعاية العمالية موجودة في وزارة القوى
العاملة، فهذه النقابات والدوائر ما وجدت إلا للنظر بشكل سريع للقضايا من هذا
النوع».
وأضاف: «هناك قضايا أدهى من ذلك تتعطل فيها مصالح العمال لعدة اشهر دون صرف رواتب،
ولدينا قضية مشابهة نحاول الاستعجال بها وإلى الآن لم نصل إلى حل، رغم أنها مرت
بمراحل سليمة حيث إنها مرت على الرعاية العمالية وأفادونا بمرور القضية عليهم
وأحالوها إلى الادعاء العام، ودورنا هنا في محاولة تعجيل التسوية بأسرع وقت ممكن
لأنه في التأخير تتعطل الكثير من المصالح لدى العمال».
جهة رقابية
وعن احتمالية قيام بعض المؤسسات بتجاهل خطابات اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، كونها
جهة رقابية وليست تشريعية وعقابية، أوضح الشقصي قائلا: «هناك شقان لتوضيح هذه
المسألة، الأول القانوني، فالصلاحيات المناطة إلى اللجنة هي ليست صلاحيات ذات بعد
قضائي أو شبه قضائي، فاللجنة إلى الآن لا تمتلك أي صلاحية للضبطية القضائية، عكس
الهيئة العامة لحماية المستهلك التي تستطيع أن تضع القضية على أروقة الادعاء العام،
ولا تملك اللجنة صلاحيات شبه قضائية كما هو الحال في لجان التوفيق والمصالحة، ولكن
حسب ما نص عليه القانون هو محاولة تسوية الخلافات بين الاطراف، وعلى هذا الأساس
نتواصل مع الطرفين بالكلمة الطيبة والحسنة».
وأضاف: «الشق الثاني من التوضيح يتعلق بـ(متى يكون هناك رد إيجابي) فكلما ارتفع
مستوى الفهم والادراك عند القائمين على كافة مؤسسات الدولة كلما كانت التسوية أيضا
متحققة، وفي المقابل كلما كانت المؤسسات والقائمون عليها غير مدركين بشكل كبير كلما
كانت التسوية صعبة، وهناك مادتان من مواد المرسوم السلطاني المتعلق بإنشاء اللجنة
124/2008 تلزم المؤسسات بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الانسان بل وإمدادها
بالتقارير والمعلومات، فلا تستطيع أي مؤسسة أن تتجاهل الرد على اللجنة، وإن فعلت
وتجاهلت فإنها تخالف المرسوم السلطاني، وفي رسائلنا لتلك المؤسسات نُدرجُ تلك
المادتين في نص الرسالة، وحقيقة نسبة تجاوب المؤسسات مع اللجنة أستطيع أن أقول أنها
بنسبة 100 %».
الكلمة الطيبة
وأكد الشقصي أن جميع لجان حقوق الانسان الدولية المعتمدة اتفقت على نقطة واحدة
تساهم بشكل فعَّال في إنجاح التسوية، وهي: «الكلمة الطيبة والجدال الحسن، كما انها
من تعاليم الله عز وجل في كتابه الكريم، فأي شخص عندما ينظر إليك كمعين له ومذكر
ومعاون فإنه يتقبل ذلك بصدر رحب، ولكن إن أحس بأنك موبخ وتريد أن تُشهِّر به فلن
يتقبل منك ذلك، وهذا ديدننا في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان».
وأضاف: «وقد نكون مضطرين للتعامل بهذه الصورة، لأننا -كما ذكرت- لا نملك صلاحيات
ذات طابع قضائي ولا حتى شبه قضائي».
التجاوب مع المُبلغ
وأوضح الشقصي أن اللجنة تتجاوب مع كافة المبلغين، وتوضح لهم الموقف إذا ما كان
خاطئا، وقال: «البلاغ ليس جازما، بل تستمع اللجنة إليه ممثلة بدائرة الشؤون
القانونية، وعليه فإنها محتاجة إلى أن تستمع للطرف الآخر المُبَلغ عنه، فربما يعتقد
المبلغ أنه صاحب حق وهو عكس ذلك نتيجةً لتجاهله بالقوانين والتشريعات، ويتضح ذلك من
رد المؤسسة (المبلغ عنها) على اللجنة مستندة إلى القوانين المعمول بها، وبناء على
القوانين تتواصل اللجنة مع المبلغ لتصف له أنه ليس صاحب حق لأنه خالف القوانين
المنظمة لسوق العمل، على سبيل المثال».
وسائل الضغط
وعن قيام بعض لجان حقوق الانسان في مختلف الدول باستعمال وسائل ضغط على جهات
حكومية، لم تتجاوب معها، مثل وسائل الاتصال الحديثة كالفيس بوك وغيرها لتأليب
الشارع ضدها أوضح الشقصي: «هذا الرأي غالبا ما تتوجه إليه المراكز الحقوقية الاهلية
وتكون غير معتمدة من الدولة وهي لا تتمتع بالطابع الوطني فتستعمل وسائل التواصل
الاجتماعية في سبيل الضغط على الحكومة، أما نحن فإننا لجنة وطنية مستقلة لحقوق
الانسان ومعتمدة دوليا واننا لسنا مع صف الحكومة، ولا صف الشارع، بل نحن مع ضمان
حقوق الطرفين، وهذا لا يعني أننا لا نستعمل وسائل التواصل الاجتماعي، بل نستعملها
بصورة مختلفة لتوصيل رسالة هادفة، وعلى سبيل المثال طَرْحُنَا لموضوع أصحاب المساكن
المتضررين من مشروع خط الباطنة الساحلي».
طرق أخرى
وأشار الشقصي إلى طرق أخرى قد تلجأ إليها اللجنة الوطنية إذا ما تم تجاهلها من إحدى
المؤسسات، فقال: «هناك طرق أخرى غير وسائل الاتصال، تساهم في الضغط على بعض
المؤسسات للرد على تساؤلاتنا، من بينها تقارير الظل التي تعرض في الاستعراض الدوري
الشامل أمام مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة، فنبين في التقرير أن الحكومة لم
تستجب وانها لم تقم بدور قد وعدت بتنفيذه، كما أن هناك تقريرا سنويا يُرفع إلى صاحب
الجلالة يتم من خلاله توضيح كافة الأمور المتعلقة بإنجازات اللجنة، وكذلك قصور أي
جهة حكومية في تعاملها مع اللجنة».
معاوية الرواحي
وحول توقيف الناشط في الساحة الأدبية معاوية الرواحي في دولة الإمارات العربية
المتحدة أوضح الشقصي: ان اللجنة تتابع قضية معاوية الرواحي نتيجة رصدها للقضية عبر
مواقع التواصل الاجتماعي، وليست نتيجة بلاغ.
وأضاف: حاولنا تلمس تفاصيل القضية ولكننا عجزنا عن ذلك في بادئ الأمر، ثم توجهنا
برسالة إلى وزارة الخارجية مطالبين أن تتواصل مع الجهات المعنية في دولة الإمارات
العربية المتحدة، للتأكد والتحقق من هذا الموضوع وأيضا موافاتنا بالضمانات المرتبطة
بحقوق الانسان التي تحققت لمعاوية الرواحي، وكان رد وزارة الخارجية مؤكدا لوجود
معاوية محتجزا في دولة الامارات وأن سبب الاحتجاز هو الإساءة إلى دولة الامارات
ورموزها، ولا تزال هناك محاولات من قبلنا ورسائل موجهة للخارجية نطلب فيها السماح
للجنة بزيارة معاوية ومعرفة مكان احتجازه، وهل ستكون هناك محاكمة له، وهل ستكون
علنية، لنتوجه ونحضر الجلسة، وإلى الآن لا نمتلك معلومات كافية في هذه القضية».
عامة وخاصة
وعن حقوق الانسان العامة والخاصة أوضح أمين عام اللجنة الوطنية لحقوق الانسان
قائلا: «الحقوق العامة تندرج تحت 3 أفرع أساسية تم اقرارها في العهدين الدوليين
لحقوق الانسان الاول والثاني، الحقوق المدنية والسياسية تندرج تحتها أمور كثير منها
حق الانتخاب والجنسية وغيرها، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية،
جميعها حقوق عامة، ورغم ذلك هناك حقوق خاصة لفئات في المجتمع، لأنها أكثر عرضة
لانتهاك حقوقها، منها حقوق الطفل وعليه تم اصدار قانون الطفل، والسلطنة صادقت عليه،
وحقوق ذوي الاعاقة -صادقت عليها السلطنة كذلك- وهنا نحتاج إلى وقفة من الجميع، من
المؤسسات والافراد والمجتمع، نحتاج إلى فهم هؤلاء الفئات بمختلف انواعهم وطريقة
التعامل معهم، هناك نقص للمؤسسات الراعية لفئة ذوي الاعاقة لا ننكر أن هناك مؤسسات،
ولكن الكثير منها مؤسسات مجتمع مدني تحتاج إلى دعم وإلى اعانة حقيقية، وأطرح تساؤلا
على سبيل المثال، كم عدد المراكز التي ترعى أطفال التوحد وكم عدد الحالات؟ هل هناك
نسبة وتناسب؟».
وأضاف الشقصي: «أيضا هناك حقوق خاصة للمسنين، وأكثر فئة في السلطنة اليوم هي فئة
المسنين، وقد يتفاجأ البعض من ذلك، فلا بد أن نجد حلولا تعين هذه الفئة التي تحتاج
إلى رعاية خاصة جدا وتعامل فريد، والكثير من العائلات العمانية ترعى المسنين
بأنفسها، ولكن هناك حالات تحتاج إلى رعاية طبية وصحية خاصة، وعددهم كبير لا تخلو
منهم مستشفى، فلِمَ لا تكون هناك دُور لرعاية المسنين وتقدم لهم الرعاية الخاصة،
ولا يعني ذلك تخلي الأهل عن مسنيهم الذين هم بطبيعة الحال موجودون في المستشفيات».
واختتم الشقصي حديثه داعيا إلى توعية المجتمع بحقوقه التي تضمن له الحياة الكريمة،
وكذلك توعيته بالحقوق الخاصة المقررة لبعض فئات المجتمع، مؤكدا على ضرورة تكاتف
وسائل الاعلام والعمل مع اللجنة في سبيل نشر ثقافة حقوق الانسان والمفاهيم المتعلق
بها.
النظام
الأساسي وفقًا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم (101/96) بإصدار النظام الأساسي
للدولة
المرسوم
وفقا لاخر تعديل مرسوم سلطاني رقم 10/ 2010 بتعيين أعضاء لجنة حقوق الإنسان
مرسوم
سلطاني رقم 124/ 2008 بإنشاء لجنة لحقوق الإنسان وتحديد اختصاصاتها