جريدة الوطن الإثنين 30
مايو 2016 م - ٢٣ شعبان ١٤٣٧ هـ
المستهلكون يطالبون بتشديد الرقابة على السوق وفرض سلطة القانون على المخالفين
كتب ـ عبدالله
الشريقي:
تعمل الهيئة العامة لحماية المستهلك باهتمام كبير على متابعة حركة السوق في مختلف
القطاعات ومدى التزام المحلات والمراكز التجارية والمطاعم والمقاهي والورش الصناعية
والمواد الالكترونية والكهربائية وغيرها بتطبيق المواصفات والمقاييس وشروط السلامة
الصحية على كافة المنتجات والسلع والمتداولة في الأسواق.
وتحرص الهيئة على تفعيل دورها من خلال بناء علاقة مستقرة ومثمرة مع المستهلك
والتركيز على حمايته من السلع الضارة وتوعيته بحقوقه وواجباته بالإضافة الى ضبط
الاسواق وايجاد الحوارات المثمرة بين التجار والمستهلكين. ولكن في الآونة الاخيرة
تنامت ظاهرة المخالفين لقانون حماية المستهلك وذلك من خلال التلاعب في الاسعار
وتواريخ انتهاء السلع المختلفة وخاصة السلع الاساسية وإعداد الأطعمة في أماكن غير
صحية وغير مطابقة للمواصفات القياسية لتنكشف أمام الرأي العام العديد من الحقائق
التي ظل السوق يعاني منها لسنوات لغياب الرقابة والمحاسبة التي فتحت امام البعض
الفرصة لتجاوز القوانين بالغش في السلع والاسعار والبضائع.
وأكد عدد من المسؤولين لـ “الاقتصادي” بضرورة تشديد الرقابة على السوق وضبطه من أي
تلاعبات أو استغلال قد يضر بالمستهلك ماديا أو صحيا مشيرين الى أن الحملات
التفتيشية وقانون حماية المستهلك سيساعد على الحد من ظاهرة الايدي المخالفة،
متطلعين في نفس الوقت لشراكة حقيقية بين الجهات والتجار والمستهلكين لخدمة هذا
البلد.
وأكدوا أن الهيئة العامة لحماية المستهلك تعتبر عاملا أساسيا في تنشيط أوجه النشاط
الاقتصادي وتساعد في الحفاظ على استقرار أسعار السلع الاستهلاكية والخدمية
والمساهمة في توعية المستهلك بحقوقه وواجباته مع الحفاظ على التجار والموردين
وتوجيههم لتفادي ارتكاب المخالفات التجارية وعدم رفع الاسعار، متمنين من التجار
والباعة أن يقوموا بمساعدة المستهلك وعليهم تجسيد مسؤولياتهم تجاه المجتمع.
وقال سعادة المهندس أحمد بن محمد الهدابي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية بدبد نائب
رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس: إن العقوبات التي تنفذها المحاكم ضد المخالفين
لقانون حماية المستهلك هي نتاج للعديد من الممارسات غير المشروعة التي يقوم بها
التجار والمؤسسات والوسطاء ضد المستهلكين في السوق بعيداً عن القيم الاجتماعية
والضوابط الأخلاقية.
وأضاف: إن وضع العقوبات التي تصل الى 100 ألف ريال عماني والطرد المؤبد من البلد
وغلق بعض المؤسسات ليست جديدة على المجتمعات المتحضرة كما أن فكرة حماية المستهلك
نشأت وتوسعت حركتها في المجتمعات المتقدمة جراء الضغط الذي مارسه المستهلكون على
حكوماتهم من أجل التدخل وفرض القوانين لحمايتهم من التجار، فأول قانون لحماية
المستهلك صدر في الولايات المتحدة سنة 1873م، ثم توالى بعد ذلك صدور القوانين
واتخاذ الإجراءات من قبل الكثير من دول العالم بهدف حماية المستهلك وحقوقه، سواء
تعلق الأمر بما يختص بقوته المعيشي اليومي، أو باقي مناحي الحياة بما فيها حقه في
بيئة سليمة وصحية. مؤكدا بأن تغليض العقوبات يعتمد على حجم الجرم المرتكب ضد
المستهلك وربما تأثيره يمتد الى باقي المجتمع.
محاور
وأشار نائب رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى أن فكرة حماية المستهلك ليست
شعارات بل تستلزم جهودا جماعية بعدما تعرضت من قبل البعض لانتهاكات متعمدة ودخلت في
صراع مع وسائل الدعاية التي في بعض الاحيان تلعب دور التضليل للمستهلك الذي في
الكثير من الاحيان يلحق بأضرار صحية واقتصادية وعليه يجب التركيز على المحاور
الثلاثة للخروج من هذه الازمة إن صح التعبير وهي:
المحور الرقابي الذي يضمن سلامة السلع والخدمات ومطابقتها للمواصفات المحلية
والعالمية وتقوم هيئة حماية المستهلك بالدور الاساسي بالزيارات الميدانية الرقابية
للمصانع والمتاجر ورفع التقارير اللازمة بجانب مؤسسات المجتمع المدني والتي تهدف
الى الحيلولة دون تعرض المستهلك للتدليس والغش والتضليل التجاري. والمحور التشريعي
وهو كل ما يتعلق بمراجعة التشريعات القائمة من أجل إيجاد حماية واسعة لكافة حقوق
المستهلك وذلك بالشراكة الحقيقية بين المشرع والمستهلك والتاجر والمحور التثقيفي
والتعليمي والذي يقوم على غرس مبادئ فكرة حماية المستهلك ومواصفات السلع والخدمات
من أجل رفع وعي المستهلك بحقوقه وواجباته.
وأضاف سعادة المهندس أحمد الهدابي: يعاني المستهلك من انتهاك لحقوقه المشروعه من
التجار والمؤسسات والتي تتصارع فيما بينها لتحققيق أكبر ربح ومن هذا المنطلق فان
المستهلك يحتاج لاجهزة رقابية فعالة وخاصة في الاعلانات والضمانات والتبيين والسعر
والتوزيع والتعبئة والمواصفات والنقل والتخزين وغيرها من مجالات الاخلال التي يجب
أن يوضع لكل منها نظام رقابي.
اعادة هيكلة الاجهزة
وقال: نجد في كثير من الاحيان ان مجالات الإخلال المذكورة كثيرة ومتعددة وأن
المسؤولية الرقابية على الهيئة العامة لحماية المستهلك جسيمة للغاية إذ ان الإخلال
بهذه المجالات سوف تعرض المستهلك للأذى وربما يمتد ذلك إلى كافة شرائح المجتمع.
مؤكدا بأنه يجب اعادة هيكلة الاجهزة الرقابية في الدولة من أجل تفعيل دورها الرقابي
وتقديم افضل الخدمات للوطن والمواطن ..مشيرا بأن لمجلس الشورى دورا رقابيا وتشريعيا
فقط مؤكدا بان كثرة الاجهزة الرقابية واختلاط المسؤوليات لا داعي لها.
وأشار سعادة الهدابي قائلا: المطلوب من الهيئة العامة لحماية المستهلك وضع سياسات
محددة الاولويات للظروف الاجتماعية والاقتصادية في السلطنة والتي تلبي طلبات
المواطنين والمقيمين ومصالحهم دون أن تقف هذه الاجراءات حواجز أمام التجارة الدولية
من خلال توفير السلامة المادية للمستهلك وحماية المصالح الاقتصادية للمستهلك وضمان
سلامة وجودة السلع والخدمات وتسهيل توزيع السلع والخدمات وتسهيل اجراءات التعويض
وتنفيذ برامج التثقيف والاعلام.
وقال: ان ما تقوم به المحاكم من نشر الاحكام في الجرائم ليس الغرض منه التشهير
وانما اخطار المواطنين والمقيمين قبل الوقوع في شراء السلع والخدمات المحظورة..
مشيرا إلى أن على الجهات المختصة إعادة النظر في القضايا التي تمس المستهلك وخاصة
الصحة والغذاء والماء والدواء وتعطيها أولوية خاصة.
التشريعات والقوانين
من جانبه قال الدكتور ناصر بن راشد المعولي استاذ الاقتصاد المساعد في جامعة
السلطان قابوس: فيما يخص تغليظ العقوبات للمخالفين لقانون حماية المستهلك أعتقد بأن
التشريعات والقوانين يجب أن تتطور لتتماشى مع الاجراءات سواء المحلية أو الخارجية
ويجب أن تتفاعل مع الاوضاع الاقتصادية التي تمر بها الدول والتشريعات على مر الحقب
التأريخية فهي في تجديد مستمر لتواكب التطورات الاجتماعية لهذا النوع من التشريعات
والقوانين وبالتالي فإن تغليظ العقوبات في قانون حماية المستهلك جاء بعد مراجعة
للممارسات السابقة والتشريعات المتداولة سابقا في هذا الشان وقد تم الارتاء بأن
تغليظ بعض العقوبات جاء ليتناسب مع الجرم المتعلق بالعقوبة المنصوص عليها في
القانون. كما أن الأصل في التعاملات المالية والاقتصادية هي الامانة والخلق الرفيع
والنزاهة والابتعاد عن كل وسائل الغش والتدليس لما لها من تبعات وآثار سلبية على
الوطن والمواطن.
التشريعات الجديدة
وأضاف: ان التشريعات الجديدة للهيئة العامة لحماية المستهلك الحديثة تأتي مواكبة
للتوسعات في المشاريع التجارية والأعمال الاقتصادية بشكل عام وكما أنها تاتي في ظل
التوسع العمراني والسكاني للسلطنة وبالتالي فإن هذه التشريعات سيكون لها آثار
ايجابية في حماية المستهلك وكذلك ضمان حقوق المنتج ومزود السلع والخدمات. كما تأتي
هذه القوانين المتعلقة بحماية المستهلك لتحفيز وتشجيع الأفراد والتجار على بيئة
استثمارية وتجارية سلسة واضحة تتميز بالشفافية في التعاملات التجارية المختصة وتوجد
ثقافة استهلاكية متوازنة تخدم طرفي الانتاج الثلاثة.
وأشار ناصر المعولي بأن الهيئة العامة لحماية المستهلك لها دور كبير ولا تزال تقوم
بورها في ترسيخ الثقافة القانونية والاستهلاكية لاطراف الانتاج الثلاثة وبالتالي
نجحت الهيئة في رصد الكثير من المخالفات والممارسات الخاطئة التي تمارس من قبل
البعض. كما أن حماية المستهلك عززت ثقافة المستهلك من حيث اطلاعه على الانظمة
والقوانين التشريعية التي تحمي حقوقه وتعزز واجباته في التعاملات التجارية.
بالاضافة الى ذلك فإن هذه التشريعات والنظم والقوانين تعزز البيئة الاستثمارية في
السلطنة وتساهم في جلب الاستثمار الاجنبي.
وأكد استاذ الاقتصاد المساعد في جامعة السلطان قابوس أن التجار لهم حقوق وعليهم
واجبات للحفاظ على مكتسبات هذه النهضة المباركة في ممارستهم لأعمالهم التجارية
وبالتالي وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار للطرفين المزود للسلع والمستهلك حتى أن هذه
الانظمة تعزز البيئة القانونية للتجار مما يساهم في تقليل وتجنب الممارسات الخاطئة
وغير المقصودة.
مرسوم سلطاني رقم 66/2014 بإصدار قانون حماية المستهلك
قرار وزاري رقم 49/2007 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون
حماية المستهلك
(حماية
المستهلك) تكثف الرقابة على الأسواق في محافظات السلطنة وتؤكد استقرار الأسعار