جريدة عمان
الإثنين 24 أبريل 2017 م - ٢٦ رجب ١٤٣٨ هـ
زاوية قانونية : الأحوال الشخصية (98)
ذكرنا في الحلقة
السابقة أن الطلاق المعلّق هو ما عُلّق حدوثه على شيء محتمل الوقوع في المستقبل،
وجمهور الفقهاء يقولون بصحة وقوع الطلاق المعلّق وفق شروط ذكروها، وسنبين في هذه
الحلقة – بمشيئة الله وتوفيقه – الطلاق المعلّق على أمر يستحيل وقوعه.
قد يعلّق الزوج الطلاق على شيء يستحيل وقوعه عقلاً أو عرفاً ,فمثال المستحيل عقلاً
أن يقول لزوجته:”إن اعدت اللبن إلى الضرع فانت طالق، ومنه دخول الجمل في سم الخياط،
فإعادة اللبن إلى الضرع يستحيل وقوعه، وأما المستحيل وقوعه عرفاً كقوله لزوجته إن
صعدت إلى السماء فأنت طالق، ومثله أن شربت البحر فأنت طالق، فصعودها السماء مستحيل
عرفا وكذلك شربها ماء البحر. وأختلف الفقهاء في وقوع الطلاق بهذه الألفاظ، فقال
بعضهم بعدم وقوع الطلاق لأنه علّق الطلاق على صفة غير موجودة ولا توجد، وقال بعضهم
بوقوع الطلاق لأن الشرط الذي علّق عليه الطلاق لا وجود له فيهدر، وبقي مجرد الطلاق
فوقع.
يقول الإمام نور الدين السالمي ـ رحمه الله ـ في جوهر النظام:
وإن بمعدوم يعلّقنا
فإنها بالحال تطلقنا
كقول من قال إذا شربت
ما داخل الكوز فقد طلقت
ولم يكن بالكوز شيء يشرب
فإنها تطلق ثم تذهب
إذ يقع الطلاق والتعليق
يلغى فلا يعلّق التطليق
ومثله الشرط الذي لم يقدر
على وقوعه صنوف البشر
كأن صعدت للسماء فأنت
طالقة والبحر أن شربت
فالشرط في هذه الوجود يهدر
لكن طلاقها إذاً يُعتبر
وقد علّق الشيخ العلامَّة إبراهيم بن سعيد العبري ـ رحمه الله ـ على ذلك يقوله:
الذي يظهر لي أنها لا تطلق في هذه الصورة، فإن قال لها : إذا شربت ما في داخل هذا
الكوز، فماذا عليها من الطلاق إذا لم تشربه وما الفرق في هذا إذا في الكوز ماء أو
لو يكن فيه ماء؟ إذا لم تشربه فالطلاق معلّق بالشراب فإن لم تشرب فلا شيء عليها،
فلعل الشيخ ـ يشير إلى الامام السالمي ـ أراد أن يمثل للمعدوم بما إذا قال لها: إن
لم تشربي الماء الذي في داخل الكوز فأنت طالق ولم يكن فيه ماء فإنها تطلق من حينها
على ما يظهر، وليس هذا من الإيلاء الذي يؤجل أربعة أشهر، لأن فعل ما علّق عليه
الطلاق صار مستحيلاً، ولا ينفعها شرب ما يوضع في ذلك من الماء في ذلك الكوز من يعد
لأن التعليق واقع على أمر مستحيل الوجود في تلك الحال، وهو الماء المعرّف بلام
العهد فلا ينصرف إلى ماء غيره .. وهكذا فيما قاله المثالين التالين “كأن صعدت
والبحر إن شربت” فينبغي أن يكون التمثيل يقوله:”إن لم تصعدي إلى السماء، وإن لم
تشربي ماء هذا البحر”.
ويفهم من كلام الشيخ العلامة إبراهيم العبري: أن هناك فرق بين أن يقول الزوج
لزوجته:”إذا شربت ما في داخل هذا الكوز فأنت طالق” ولم يكن في الكوز ماء، وبين أن
يقول لها:”إن لم تشربي الماء الذي في داخل هذا الكوز فأنت طالق” فلا تطلق في الصورة
الأولى لأن الزوج لم ينجز الطلاق بل علّقه على شرط ممتنع وجوده ويلزم من عدم وجود
الشرط عدم المشروط، وتطلق في الصورة الثانية في الحال لأنه علّق الطلاق على أمر
مستحيل الوجود في تلك الحال.
.. وللحديث بقية.
د/ محمد بن عبدالله الهاشمي
قاضي المحكمة العليا
al-ghubra22@gmail.com
مرسوم
سلطاني رقم 32/97 بإصدار قانون الأحوال الشخصية
قرار وزاري
رقم 583/ 2010 بتحديد رسوم الدعاوى المدنية ودعاوى الأحوال الشخصية
زاوية
قانونية : “الاحوال الشخصية” “86″