جريدة الوطن الأحد 9 يوليو
2017 م - ١٤ شوال ١٤٣٨ هـ
النظام القضائي يحظى بإهتمام خاص من جلالته في بسط العدل بين المتقاضين
يُعتبر النظام
القضائي من الأوليات التي حظيت باهتمام خاص من لدن صاحب الجلالة السلطان قابوس
بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ رئيس المجلس الأعلى للقضاء منذ توليه
مقاليد الحكم في البلاد، نظراً لما يمثله القضاء من أهميّة كبرى في حضارة
الشعوب ورقيها وحسن جوارها وطيب تعايشها، به تطمئن النفوس، وتصان الحقوق،
وينتشر الأمن بين أفراد المجتمع، ولقد كان يدرك ــ حفظه الله ورعاه ــ بفكره
الثاقب وبصيرته النيّرة أن العدل أهمّ مقومات الدولة وأحد أركانها وأنه لا حياة
للشعوب بغير العدل، ولذا جاء إنشاء وزارة للعدل ضمن أول تشكيل وزاري عام 1970م
فسعت منذ إنشائها إلى بسط العدل بين المتقاضين عن طريق المحاكم الشرعية التي
تنظر القضايا المعروضة عليها وتفصل فيها بموجب الشرع الشريف.
تطوير النظام القضائي
حول ذلك يقول فضيلة الدكتور محمد بن عبدالله الهاشمي ـ قاضي المحكمة العليا
ورئيس الإدارة العامة للتفتيش القضائي: نظراً للتطور الذي شهدته السلطنة في
كافة المجالات الاجتماعية والثقافية كان لا بد أن يواكبه تطور في النظام
القضائي ولذا كان صدور النظام الأساسي للدولة بالمرسوم السلطاني:(101/ 96)
وتخصيص الباب السادس منه للقضاء إيذاناً بتطوير النظام القضائي على أسس حديثة
ومرئيات تتواكب والتنمية الشاملة التي تشهدها السلطنة في مختلف المجالات، ومن
أبرز سمات التطور ما نصت عليه المادة (61) من النظام الأساسي للدولة حول
استقلال السلطة القضائية، حيث نصت المادة المذكورة على أنه:(السلطة القضائية
مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق
القانون)، كما نصت المادة (61) من ذات النظام على أنه:(لا سلطان على القضاة في
قضائهم لغير القانون، وهم غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها
القانون، ولا يجوز لأي جهة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة، ويعتبر مثل
هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون)، فيما نصت المادة (62) من النظام ذاته
على أنّه (يرتب القانون المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ويبين وظائفها
واختصاصاتها ..).
موضحاً فضيلته في ذات الوقت بأنه ترسيخاً لهذا المبدأ صدرت القوانين المنظمة
للعمل القضائي يأتي في مقدمتها قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم السلطاني
رقم:(90/99) حاملاً بين جنباته الأمور الوظيفية المتعلقة بالقضاة كالتعيين
والترقيّة والنقل والندب والإعارة والمساءلة وإنهاء الخدمة وسائر شؤونهم
الوظيفية والإدارية والمالية كما أنشئ المجلس الأعلى للقضاء برئاسة صاحب
الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ويختص برسم السياسة
العامة للقضاء وبكفالة استقلاله ومتابعة تطوره.
* محاكم القضاء العادي
وأضاف فضيلته: وبدخول قانون السلطة القضائية حيز التنفيذ عام 2001م توحدت
المحاكم تحت مظلة واحدة تحت مسمّى محاكم القضاء العادي، وتأتي على رأس قمة
الهرم القضائي المحكمة العليا التي تنظر في النزاع المرفوع إليها من محاكم
الاستئناف وتفصل فيها من الناحية القانونية، ثمّ محاكم الاستئناف، حيث أوجد
القانون محاكم للاستئناف في كل من مسقط والسيب وصحار والرستاق ونزوى وإبراء
وصور والمضيبي والبريمي وعبري وصلالة والدقم ومسندم، تنظر في الدعاوى المستأنفة
من المحاكم الابتدائية بمختلف الدوائر عدا دائرة محكمة الجنايات فتنظر من محكمة
الاستئناف ابتداء، ويطعن بالأحكام الصادرة منها أمام المحكمة العليا، ثم
المحاكم الابتدائية التي تتوزع على مختلف ولايات السلطنة، حيث يُعتبر صدور
المرسوم السلطاني رقم:(10/ 2012م) الخاص بشأن تنظيم إدارة شؤون القضاء تحولا
تاريخياً في النظام القضائي بالسلطنة حيث أصبحت السلطة القضائية مستقلة
استقلالا تاما عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وأخذ مجلس الشئون الادارية
للقضاء على عاتقه تنفيذ التوجيهات السامية بتطوير النظام القضائي وذلك بتهيئة
كل السبل الكفيلة بالسمو والرقي بالمرفق القضائي.
* اللائحة الجديدة للتفتيش القضائي
وقال فضيلة الدكتور محمد الهاشمي: لقد أصدر مجلس الشؤون الإدارية للقضاء مؤخراً
لائحة جديدة للتفتيش القضائي، عوضاً عن اللائحة السابقة التي صدرت في 25
يناير2001م، وهذه اللائحة تعتبر نقلة كبرى ولبنة إضافية للخطوات المبذولة من
قبل مجلس الشؤون الإدارية للقضاء ضمن رؤية شاملة من أجل تعزيز عمل التفتيش
القضائي بالسلطنة بآليات تكفل المتابعة المستمرة والتشخيص المباشر والصحيح لسير
العمل بالمحاكم، بما يحقق التطوير الشامل لعمل القضاء والارتقاء به إلى المستوى
الذي يتطلع إليه المجلس من تيسير لإجراءات التقاضي وتسريعها وتطوير دورة العمل
بالمحاكم ويُواكب التحولات النوعية التي تشهدها السلطة القضائية برؤية حكيمة
وفكر ثاقب من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله
ورعاه ـ رئيس المجلس الأعلى للقضاء وتأكيداً للإستقلال التام والصلاحيات
الـمُوسعة للنظام القضائي في السلطنة.
مشيراً فضيلته الى أن اللائحة الجديدة قد راعت الاستفادة من أحدث التجارب
وأنجحها في أنظمة التفتيش القضائي بالدول التي سبقت في هذا المجال بما يساعد في
تطور الأداء القضائي، إذ وضعت ضوابط وآليات دقيقة للتفتيش المستمر لسير العمل
القضائي بالمحاكم وتقييم مستوى انتظامه كما وسعت مجال التفتيش ليشمل كل جوانب
عمل أصحاب الفضيلة قضاة محاكم الإستئناف والمحاكم الإبتدائية وسائر الأعمال
المساعدة في الأداء القضائي، وراعت فضلاً عن ذلك جعل دور التفيش القضائي
وقائياً قبل أن يكون أداة لتعَقُّب الأخطاء بحيث يغدو التفتيش أداة فاعلة
وفعالة ليس لرصد الأخطاء وإنما لمنع وقوعها وذلك لما للوقاية من فضائل تسمو على
العلاج.
وقال: ونظراً لأهمية إضفاء أكبر قدر من الشفافية والوضوح على عمل الإدارة
العامة للتفتيش القضائي، فقد نظمت اللائحة الجديدة علاقة الادارة بأصحاب
الفضيلة القضاة وبالمحاكم والمراجعين وحددت مجال عمل المفتشين القضائيين
وضوابطه، كما حددت ضوابط إعداد تقارير التفتيش ـ بشقيه الفني والمستمرـ
وإجراءات التصرف فيها، وإجراءات تقديم الشكاوى وضوابط فحصها وتحقيقها وصلاحيات
المحقق وكيفية التصرف في التحقيق وغير ذلك من الأحكام المستجدة التي تعتبر خطوة
متقدمة في عمل التفتيش القضائي سيكون لها بمشيئة الله تعالى وتوفيقه وقع حسن
وأثر طيب في التطوير الشامل للعمل القضائي بالسلطنة.
* العمل القضائي خلال العطلة القضائية
وحول العطلة القضائية وانتظام العمل تطرق فضيلته الى أنه قانون السلطة القضائية
نصّ على أن للقضاء عطلة قضائية تبدأ كل عام من أول يوليو وتنتهي آخر سبتمبر،
وقد نظم هذا القانون العمل خلال العطلة القضائية، بحيث تستمر محاكم الاستئناف
والمحاكم الابتدائية خلال العطلة القضائية في نظر المستعجل من القضايا التي
يصدر بشأنها قرار من رئيس مجلس الشؤون الإدارية للقضاء كقضايا الأحوال الشخصية
والقضايا العمالية وبعض القضايا المدنية والقضايا الجزائية التي يكون فيها
المتهم محبوساً، إضافة الى ذلك يتيح القرار لأصحاب الفضيلة القضاة نظر غير ذلك
من القضايا وفق تقديرهم لمصلحة العمل. تنظم الجمعيات العامة لمحاكم الاستئناف
والمحاكم الابتدائية العمل خلال العطلة القضائية فتشكل عدد الدوائر بكل محكمة
وأيام ساعات انعقادها وتُعيَن القضاة الذين يتولون النظر والفصل في القضايا.
مؤكداً بأنه قد جرى العمل ـ في المحاكم تأكيداً لاستمرار العمل فيها ـ على
التنسيق بين أصحاب الفضيلة القضاة في الاجازات سواء في المحكمة الواحدة إذا كان
يوجد بها أكثر من قاضي أو بين المحكمتين إذا كان يوجد لكل منهما قاضي واحد،
وذلك بغية الاستمرار في نظر القضايا وعدم التأجيل، وبالتالي فإن العمل مستمر
بمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية خلال العطلة القضائية، ولكن بوتيرة تختلف
عنه في العام القضائي نظراً لخروج بعض القضاء في إجازة اعتيادية.
* الفصل في القضايا
وقال فضيلة الدكتور محمد الهاشمي حول وجود تأخير في الفصل في القضايا: إن
الاحصائيات الشهرية الصادرة من المحاكم تؤكد سرعة الفصل في القضايا سوى بعض
القضايا والتي تعود أسبابها إلى طبيعة بعض النزاعات التي يتوقف الفصل فيها ـ
كلياً أو جزئياً ـ على ندب خبير فني في الدعوى مع ما يترتب عن ذلك من تعذر
الحصول على الخبير المختص في موضوع محدد وبالتالي لجوء المحكمة مضطرة الى
مخاطبة عدة جهات، وقد يتأخر الخبير في استيفا الخبرة المطلوبة بما يؤثر على
سرعة الفصل في الدعوى، فضلاً عن اعتراضات الخصوم على التقارير المودعة بما
يتطلب عرضها من جديد على الخبير للرد أعمالاً لحق الأطراف في الدفاع إضافة
لسائر إجراءات التقاضي، وأما معالجة أسباب تأخر الفصل المرتبطة بعمل المحكمة
فيتم مبدئياً من خلال التعاميم التي يصدرها فضيلة الشيخ رئيس المجلس بصفة دورية
للتوجيه بتلافي الأسباب المؤدية إليها وبشكل خاص من خلال المهام الموكلة
للإدارة العامة للتفتيش القضائي إذ يشكل هذا الموضوع أحد المحاور الأساسية في
الاجتماعات السنوية لأعضاء هيئة التفتيش القضائي وعليه تشغل حيزاً كبيراً ضمن
تقارير التفتيش المستمر على عمل المحاكم وكذا أعمال أصحاب الفضيلة القضاة،
وفضلا ًعن ذلك فإن اللائحة الجديدة للتفتيش القضائي وسعت مجال التفتيش القضائي
ليشمل مدى سلامة تنفيذ الموظف المختص لقرارات المحكمة، كما ارتقت بموضوع
التأجيلات وسلامتها وإنجاز أصحاب الفضيلة القضاة وذلك بجعله معياراً جوهريا في
تقدير درجة كفايتهم عن أعمال المنجزة كل عام قضائي، وكل ذلك بهدف التحفيزعلى
سرعة الفصل في القضايا وفق إجراءات صحيحة وبأحكام ناجزة تصدر وتنفذ في آجال
معقولة.
النظام
الأساسي وفقًا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم (101/96) بإصدار النظام الأساسي
للدولة
مرسوم
سلطاني رقم 9/ 2012 بشأن المجلس الأعلى للقضاء
مرسوم
سلطاني رقم 10/2012 بشأن تنظيم إدارة شؤون القضاء
لائحة جديدة لـ«التفتيش
القضائي»