جريدة الوطن الأربعاء 15
أغسطس 2018 م - ٤ ذي الحجة ١٤٣٩ هـ
القانون والناس: مفهوم مبدأ عدم رجعية القوانين (2-2) والاستثناءات الواردة عليه
نستكمل في هذه المقالة
الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القوانين:
2- القوانين المتعلقة بالنظام العام.
وهي تلك القوانين التي تهدف لحماية الصالح العام من خلال رعاية المصالح الأساسية له.
خذ على ذلك مثالاً رائعاً والمتعلق بتحديد سن الرشد، حيث تنص المادة (6) من قانون
المعاملات المدنية العماني على أنه: “1- تسري النصوص المتعلقة بالأهلية على جميع
الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط المقررة في تلك النصوص. 2- إذا كان الشخص كامل
الأهلية بمقتضى نصوص قديمة ثم أصبح فاقد الأهلية أو ناقصها بمقتضى نصوص جديدة فلا
أثر لذلك في تصرفاته السابقة”.
من هذا النص يتضح لنا جلياً أنه يلزم التمييز بين أمرين في ظل مفهوم مبدأ عدم رجعية
القوانين:
الأول: أهلية الشخص:
في هذه الحالة يطبق القانون الجديد على كل ما يتعلق بمسائل الأهلية وسواء في حالة
رفع سن الرشد أو إنقاصها، ذلك لأن المنطق القانوني السليم لا يجيز أن يختلف سن
الرشد من شخص لآخر، ذلك أنه في حالة رفع سن الرشد مثلاً لا يجوز لمن كان بالغاً
رشيداً تحت ظل القانون القديم أن يتمسك بالحق المكتسب، لأن الأهلية تعد من مسائل
النظام العام.
أما بالنسبة للتصرفات القانونية التي يبرمها ويتعاقد عليها الشخص فتظل محكومة
بالقانون التي تمت في ظله دون أن تتأثر المراكز القانونية بالقانون الجديد.
ونجسد هذا الشرح بتساؤل.. لو أن شخصاً ما يبلغ من العمر ثمانية عشرة سنة أبرم تصرفاً
قانونياً في ظل القانون الحالي الذي يجعل سن الرشد ثماني عشرة سنة، ثم صدر فيما بعد
قانون جديد يجعل سن الرشد إحدى وعشرين سنة التي أبرمها في ظل القانون القديم؟
للإجابة على هذا التساؤل.. نعم يرتد قاصراً، أما التصرفات التي أبرمها في ظل
القانون القديم فتظل صحيحة منتجة لآثارها القانونية.
3- القوانين الجزائية الأصلح للمتهم.
المشرع العماني تشدد كثيراً بالنسبة لمبدأ عدم رجعية القوانين في مواد التجريم
والعقاب أكثر من غيرها، فالمشرع في المادة (13) من قانون الجزاء الصادر بالمرسوم
السلطاني رقم (7/2018) تنص على أنه: “يطبق القانون الأصلح للمتهم إذا صدر بعد
إرتكاب الجريمة، وقبل أن يصبح الحكم الصادر فيها باتاً. وإذا صدر بعد صيرورة الحكم
باتاً قانون يجعل الفعل الذي حكم على المتهم بسببه غير معاقب عليه يوقف تنفيذ الحكم،
وتنتهي آثاره الجزائية”.
من هنا يلزم لتطبيق القانون الأصلح للمتهم أن نفرق بين حالتين:
لحالة الأولى: صدور القانون الأصلح للمتهم قبل الفصل في الإتهام الموجه إليه بحكم
نهائي بات:
فطبقاً لنص المادة (13) الفقرة الأولى تخضع الدعوى الجنائية المقامة على المتهم
لأحكام القانون الجديد طالما لم يصدر فيها حكم بات وسواء قد بدأت إجراءات محاكمته
أم صدر حكم فيها ولكنه غير بات وأياً كان وجه الصلاحية (المنفعة) وسواء تمثلت في
إزالة صفة الجريمة عن الفعل أو الترك أو تمثلت في تخفيف العقوبة أو لزوم توافر شرط
جديد للعقاب أو تقرير وجه جديد ومبرر للإعفاء من العقوبة.
الحالة الثانية: صدور القانون الأصلح للمتهم بعد صيرورة الحكم نهائياً باتاً يجعل
الفعل الذي حكم على المتهم غير معاقب عليه عندها سيستفيد المتهم بوقف تنفيذ الحكم
وإنهاء آثاره الجزائية.
بهذه الجزئية نكون قد تناولنا بإيجاز أهم أحكام مبدأ عدم رجعية القوانين
والإستثناءات التي ترد عليه، لقاءنا معكم يتجدد أسبوعياً في موضوع قانوني آخر في
زاوية القانون والناس.
* نائب العميد للشؤون الأكاديمية
كلية الزهراء للبنات
مرسوم سلطاني رقم 7 / 2018 بإصدار
قانون الجزاء
مرسوم سلطاني رقم 29/2013 بإصدار
قانون المعاملات المدنية
مرسوم سلطاني رقم 68/2008 بإصدار
قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية