جريدة الوطن الأربعاء 15 أغسطس 2018 م - ٤ ذي الحجة ١٤٣٩ هـ

زاوية قانونية ” الأحوال الشخصية ” “132″

ذكرنا في الحلقة السابقة الوسيلة الأولى من الوسائل التي أرشدنا إليها القرآن الكريم عندما يرى الزوج من زوجته تغيرا في العاطفة أو فتورا في المعاملة ، وهذه الوسائل هي : الوعظ ، والهجر في المضجع ، والضرب . حيث أوضحنا سابقا الوسيلة الأولى وهي الوعظ ، وسنذكر – بمشيئة الله وتوفيقه – في هذه الحلقة الوسيلة الثانية وهي الهجر .
الهجر ، إذا لم تجد الوسيلة الأولى التي هي الوعظ والإرشاد نفعاً في ردّ الزوجة عن عنادها ، واستمرت في إعراضها ، وعدم أداء الحقوق الواجبة عليها لزوجها ، يأتي دور الوسيلة الثانية التي هي : الهجر في المضجع، لِما في ذلك من التأثير عليها ، وتذكيرها بضرورة مراجعة النّفس والتفكير في العواقب ، فالهجر في المضجع وسيلة من وسائل العلاج لمن تحب زوجها ، ويشق عليها هجره .
واختلف المفسرون في المراد بالهجر المراد في قوله – عزوجل :-” وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ) على أقوال :-
القول الأول : أنه ينام معها في الفراش ، ولكن يوليها ظهره ولا يجامعها ، ويروى هذا القول عن ابن عباس ،يقول الإمام محمد رشيد رضا عند تفسير – عزّ وجل – : (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) لا يتحقق هذا إلا بهجر المضجع نفسه وهو الفراش ، ولا بهجر الحجرة التي يكون فيها الاضطجاع ، وإنما يتحقق بهجر في الفراش نفسه ، وربّما يكون هجر الفراش أو الحجرة سبباً لزيادة الجفوة بينهما ).
القول الثاني : يترك فراشها ومضاجعتها ، بحيث لا ينام معها في فراش واحد ولا يطأها ، ويعضده (وَاهْجُرُوهُنَّ) من الهجران وهو البعد ، يقال : هجره أي تباعد ونأى عنه ، ولا يمكن بعدها إلا بترك مضاجعتها ، ويروى هذا القول عن الشعبي ومجاهد والحسن .
القول الثالث : الهجر بالقول ، وهو أن يترك الكلام مع زوجته ، وهو قول سفيان وعكرمة ، وحدّدوا ترك الكلام لمدة لا تزيد على ثلاثة أيام ، لنهي النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يهجر الرجل أخاه فوق ثلاثة أيام .
وعلى الزوج أن يختار الوقت المناسب للهجر ، بحيث لا يكون أمام أولادهما أو الناس ، يقول سيّد قطب :(على الزوج أن يتبع أدباً مُعّينا لإجراء في المضجع وهو أن لا يكون هجراً ظاهراً في غير مكان خلوة الزوجين ، ولا يكون هجرا أمام الأطفال يورث نفوسهم شراً أوفسادا ولا أمام الغرباء يذل الزوجة ويستثير كرامتها).
 

مرسوم سلطاني رقم 32/97 بإصدار قانون الأحوال الشخصيةfont>