جريدة الوطن
الأربعاء 23 يناير 2019 م - ١٦ جمادي الأولي١٤٤٠ هـ
القانون والناس: مدى حق صاحب العمل في حجز جواز سفر العامل ؟!
جواز السفر ملك للدولة
التي أصدرته، على اعتباره وثيقة رسمية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة من جانب ومن جانب
آخر يعد جواز السفر وثيقة قانونية ومرجعيته لحامله في آن واحد. ما يؤكد ذلك الصياغة
القانونية المكتوبة على كل جواز سفر بما تتضمنه هذه الصياغة من دلالات عديدة ذات
أبعاد سامية تكفل لحامل الجواز حق حرية التنقل والسفر خارج حدود الدولة التي يتمتع
بجنسيتها، من هنا فان معظم الدول ـ إن لم يكن جميعها ـ توجب على حامل جواز السفر
المحافظة عليه وعدم إهماله … خذ على ذلك مثالا ما تنص علية المادة (8) من قانون
جواز السفر العماني رقم (69/97) ” لا يجوز لصاحب الجواز أو وثيقة السفر أن يرسلها
إلى الخارج، ويجب عليه اذا فقدها أو تلفت أو سرقت أن يبلغ بذلك السلطة المختصة أو
اقرب سفارة أو قنصلية عمانية أو غيرها … ”
ومن خلال هذا العرض تبدو الأمور أكثر وضوحا ـ فلا جدال، أن جواز السفر يعد ملكا
للدولة التي أصدرته، ويجب على حامله العامل الأجنبى المحافظة عليه … ولا يجوز فى
المقابل أن يتعدى صاحب العمل على هذا الحق . فلا يحجز جواز سفر عامله … مهما كانت
الأسباب التي يبررها الا في الأحوال التي تستدعيها مصلحة الدولة وهى تعد استثناء من
الأصل، لا يجوز القياس عليه أو التوسع فيه. تجسيدا لمبدأ العدالة الإجتماعية من
جانب وترسيخا للمبادئ التي تقوم عليها منظمات العمل دولية كانت أم عربية … وهذا ما
أكدت عليه المادة (23) من اللائحة التنفيذية لقانون إقامة الأجانب حيث يجرى نصها
على أنه: “على الأجنبى خلال مدة إقامته في السلطنة أن يقدم جواز سفره أو الوثيقة
التي تقوم مقامه وأن يراجع السلطة المختصة كلما طلب منه ذلك …. “.
وبمطالعتنا تجسيد ما سبق الإشارة اليه واقعا نجد أن التعميم رقم (2/2006) الصادر
بتاريخ 6/11/2006 م من قبل معالي وزير القوى العاملة يدلل على ذلك حيث يجري نص
التعميم على أنه: “يعد جواز السفر ملكا للدولة التي أصدرته ولا يحق لأصحاب الأعمال
الحجز على جوازات سفر عمالهم الا تنفيذا لحكم قضائي. ويجوز للعامل أن يسلم جواز
سفره بمحض إرادته إلى صاحب العمل لحفظه ولا يعتبر ذلك حجزا لجواز سفر العامل”.
أفرز الواقع العملي الكثير من الإشكاليات القانونية … والعديد من الدعاوى القضائية
بسبب الملاحظات على هذا التعميم الوزاري – على الأقل من وجهة نظرنا وهي:
الأولى : تنص المادة (21) من النظام الأساسى للدولة على : لا جريمة ولا عقوبة الا
بناء على قانون … . ”
فمبدأ الشرعية لا يتحقق الا من خلال فعل يجرمه القانون … وهذا متحقق – إذا سلمنا
جدلا – على اعتباره قانونا فرعيا ينظم مسألة معينة توافرت فيه خصائص القاعدة
القانونية – عدا خاصية الإلزام.
يبقى الجانب الاخر وهو عنصر الجزاء . فلا بد ان يقرر التعميم عقوبة أو تدبيرا
احترازيا . وبمعنى آخر يخضع هذا المنع لشرعية العقوبة على اعتبار هذه الأخيرة تكمل
التجريم فلا قيمة للتجريم طالما لم يقترن بالجزاء …. فهو والعدم سواء – ان صح
التعبير وهذا ما لم يتحقق فى التعميم الا أن الجهات المعنية كانت تتكئ – في إعطاء
مبدأ الشرعية قيمته القانونية كاملة : في ظل قانون الجزاء العماني رقم (7/74) على
المادة (312) منه والتي تنص : ” يعاقب بالسجن التكديرى وبالغرامة من ريال إلى خمسة
أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أقدم على : 1 – مخالفة الأنظمة الإدارية أو البلدية
الصادرة وفقا لهذا القانون …”
الثانية : وهى الملاحظة الأهم في ضوء إلغاء قانون الجزاء القديم ووجود قانون جزائي
جديد رقم (7/2018) لم يتضمن ما يشير إلى وجود عقوبة على مخالفة الأوامر الإدارية –
كما حال موضوع مقالتنا – ولم يتضمن حتى كتابة هذه المقالة ما يعضد التعميم – سابق
الإشارة إليه – أية عقوبة لصاحب العمل الذى يحتجز جواز سفر عامله . ونكون أمام فراغ
قانوني واضح ينظم موضوع في غاية الأهمية على أعتباره موضوعا سياسيا من جانب
واجتماعيا من جانب آخر في ظل منظومه اقتصادية تنافسية على مستوى العالم مما يتطلب
الأمر من الجهات المعنية الوقوف عليه ومعالجته من خلال تحديث النصوص القانونية
الناظمة فى هذا الشأن، انسجاما ورغبة السلطنة المستمرة في الاندماج في الاقتصاد
العالمي بما يحقق العالمية الاقتصادية بمعناها الواسع ,,,
نائب العميد للشؤون الأكاديمية
كلية الزهراء للبنات
salim-alfaliti@hotmail.com
القانون
وفقًا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم 69/97 بإصدار قانون جواز السفر العماني
مرسوم
سلطاني رقم 7 / 2018 بإصدار قانون الجزاء
استعراض الموقف التنفيذي
لمبادرات سوق العمل والتشغيل