جريدة الوطن الخميس 14
مارس 2019 م - ٧ رجب ١٤٤٠ هـ
هيئة
سوق المال تستعرض أحكام تنظيم سوق رأس المال في قانون الشركات التجارية
تصوير ـ حسين المقبالي:
استعرضت الهيئة العامة لسوق المال أهم السمات والتطورات التي اشتمل عليها قانون
الشركات التجارية وخاصة ما يتعلق فيه من ملامح تلامس قطاع سوق رأس المال والمكونات
ذات العلاقة، والذي تضمن معالجات عديدة في تنظيم سوق رأس المال العماني ومكونات
هيكله التنظيمي.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده سعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي الرئيس
التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال أمس والذي قال إن قانون الشركات التجارية اتسم
بالمرونة الكافية والتسهيلات الجاذبة بما يواكب المستجدات في عالم المال والأعمال،
وما فرضته الثورة التكنولوجية من تطورات متسارعة تدفع نحو ضرورة تسهيل الإجراءات
وتقديم أبسط الطرق لجذب الاستثمارات وقيام الكيانات الاقتصادية التي تحقق رؤيتنا
المستقبلية في تفعيل دور القطاع الخاص.
وأوضح سعادته أن القانون تضمن معالجات عديدة في تنظيم سوق رأس المال ومكونات هيكله
التنظيمي وذلك في سياق توفير العناصر الأساسية لبناء سوق رأس مال متين يتمتع بمستوى
عال من الثقة وبالجاهزية التشريعية والتقنية التي تجعل من سوق رأس المال محركا
مستداما للنمو الاقتصادي الشامل وتكوين الثروات من خلال ما تتسم به نصوص القانون من
مرونة وممارسات وتسهيلات إجرائية تدفع نحو جعل سوق رأس المال المصدر الأول لتمويل
المشاريع والمبادرات الاستثمارية والحاضنة لقيام الاستثمارات الإنتاجية الكبيرة.
سلطة مركزية
وأشار عبدالله السالمي إلى أن القانون أضفى للهيئة العامة لسوق المال سلطة مركزية
كاملة في تنظيم أعمال الشركات المساهمة العامة بداية من تأسيسها والإشراف على
أعمالها الإدارية بما يضمن أنها تسير وفق قواعد إدارية سليمة بما يحمي حملة الأسهم،
وهذا الإجراء يحد من ازدواجية السلطات ويحدد صلاحيات الجهات الأخرى التي تخضع لها
الجهة المصدرة للورقة، فضلا عن أهمية مركزية السلطة في تسهيل الإجراءات لتأسيس
الشركات المساهمة العامة دون الحاجة إلى مراجعة أكثر من جهة.
شكل قانوني جديد .. شركة الشخص الواحد
وأوضح الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال أن القانون واكب التطورات الأخيرة
التي شهدتها سوق الخدمات المالية والمتمثلة في تقديم منتجات تمويل إسلامية مثل
الصكوك وصناديق الاستثمار الإسلامي، ونظرا للطبيعة الخاصة في تنظيم أعمال هذه
المنتجات مثل الصكوك كان لا بد من إضافة شكل قانوني جديد للشركات التجارية ممثلة في
شركة الشخص الواحد وهي شركة محدودة المسؤولية يمتلك رأسمالها بالكامل شخص واحد
طبيعي أو اعتباري، حيث إن تأسيس هذا النوع من الشركات يسهم في دعم سوق الصكوك في
السلطنة فمن المعلوم بأن الجهات التي تنوي طرح صكوك تقوم بتأسيس شركة مستقلة
والمعروفة بشركات الغرض الخاص لتتولى تنظيم العلاقة بين الجهة المصدرة للصكوك وحملة
الوحدات الاستثمارية في الصكوك.
الشركة القابضة هي شركة مساهمة
من جهة أخرى حدد القانون أن الشركات القابضة ستأخذ شكل الشركات المساهمة فقط على
خلاف الوضع السابق والذي كان يمنح الشركة القابضة الخيار بين أن تكون شركة محدودة
المسؤولية أو شركة مساهمة، وبيّن السالمي أن القانون عرف الشركة القابضة بأنها
عبارة عن شركة مساهمة تقوم بالسيطرة المــالية والإدارية على شركة أو أكثر سواء
أكانت مساهمة أو محــدودة المسؤولية تصبح تابعـة لهـــا، وذلك من خـــلال تمــــلك
(51%) على الأقل من أسهم أو حصص كل شركة من تلك الشركات.
شركات مهنية
وفيما يتعلق بتنظيم أعمال الشركات المهنية أوضح الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق
المال بأن القانون أفرد مادة جديدة لتنظيم أعمال الشركات المهنية مثل مكاتب تدقيق
الحسابات وما يماثلها من أعمال المهنية كالمحاماة غيرها، وبهذا يكون القانون قد هيأ
الأساس القانوني السليم لإنشاء الشركات المهنية والتي سيصدر تنظيمها قواعد خاصة من
مجلس الوزراء.
النشر الالكتروني
وأكد قانون الشركات التجارية الجديد على ضرورة مواكبة الشركات والمتعاملين معها
بالنهج الحكومي الداعي إلى ضرورة ممكنة الأعمال وبذلك أوجب القانون أن تقوم الشركات
التجارية بأشكالها القانونية المختلفة بالتواصل مع مساهميها عبر وسائل النشر
الإلكتروني بغية الاستفادة من التقنيات الحديثة باعتبارها الوسيلة الأكثر انتشارا
وقد أتاح المشروع استخدام وسائل النشر التقليدية مراعاة لجمهورها.
حوكمة الشركات الحكومية
وأوضح السالمي في حديثه أن القانون جاء مؤكدا على أهمية تعزيز ممارسات الحوكمة
الرشيدة في المنهجية الإدارية للشركات التجارية فقد وجه المشرع الشركات المساهمة
العامة والشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها نحو العمل على تطبيق مبادئ الحوكمة
وفق المعايير والمبادئ التي تضعها الهيئة العامة لسوق المال. ويضيف أن هذا التوجه
يأتي ليؤكد جدية المشرع بضرورة ترسيخ ثقافة الحوكمة في الممارسات الإدارية بما يضمن
سلامة أداء الشركات حيث تعرف الحوكمة بأنها مجموعة من المبادئ والمعايير والإجراءات
التي تحقق الانضباط المؤسسي فـي إدارة الشركة وفقا للمعايير والأساليب العالمية.
تشجيع الشركات على التحول
وأشار السالمي إلى أن الهيئة العامة لسوق المال أصبحت ذات الاختصاص الأصيل في
الإشراف والرقابة على الشركات المساهمة العامة ولذا نجد أن القانون الجديد نظم بشكل
واضح كافة الإجراءات الخاصة بتأسيس الشركات المساهمة العامة وعمد على تقليص الفترات
الزمنية اللازمة لذلك كما أنه أتاح للهيئة المجال لوضع الإجراءات التنفيذية
والنماذج اللازمة تسهيلا للراغبين في تأسيس ذلك الشكل من الشركات التجارية ومن
الجدير بالذكر أن القانون ركز على تحفيز الشركات القائمة ومنها العائلية على التحول
إلى شركات مساهمة عامة، وذلك من خلال منح تلك الشركات مزايا تختلف عن الشركات التي
تؤسس حديثا، ومن ذلك سمح للشركات المتحولة أن تحتفظ بالاسم التجاري الذي كانت تحمله
قبل التحول حتى إذا كان الاسم التجاري هو اسم لشخص طبيعي، كذلك سمح لتلك الشركات
المتحولة أن يكون رأس مالها مليون ريال عماني خلافا للشركات التي تؤسس حديثا والتي
يكون رأس مالها 2 مليون ريال عماني فأكثر.
الشركات العائلية يمكن أن تطرح أقل من 25%
وتحفيزا للشركات العائلية وغيرها من الشركات للتحول إلى شركات مساهمة عامة فقد أجاز
القانون لمؤسيسها الاحتفاظ بنسب أعلى من النسب المقررة لتملك المؤسسين في الشركات
الحديثة حيث نصت المادة (100) “على المؤسســين فـي شركـــة المساهمة العامـــة أن
يكتتبوا بنسبة لاتقـــل عـــن (30%) ثلاثـــين فـي المائة، ولا تزيــد علــى (60%)
ستين فـي المائــــة مـــن رأس المــال، ويطرح الباقــي للاكتتـــاب العام، إلا فـي
حالة التحول إلى شركة مساهمة عامة، فإنه يجوز للمساهمين أو الشركاء فـي الشركة قبل
التحول أن يحتفظوا بنسبة (75%) خمسة وسبعين فـي المائة من رأس المــال، للهيئة
السماح للمؤسسين فـي الشركة المتحولة إلى شركة مساهمة عامة تملك نسبة أعلى من
النسبة المحددة فـي الفقرة السابقة”.
ويأتي حرص المشرع على تسهيل تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة نظرا
للأهمية والوزن الاقتصادي الذي باتت تحتله هذه النوعية من الشركات والتي تعتبر
مؤسسات وطنية، الأمر الذي يتطلب توفير المناخ المناسب لاستمرار أدائها نحو الأفضل
دون أن تتأثر بالتحديات التي توجه الشركات العائلية نتيجة تعاقب الأجيال.
آليات للحد من التآكل التراكمي لرؤوس الأموال
ويتحدث السالمي كيف عالج المشرع حالات التآكل التي تعاني منها الشركات المساهمة
العامة وحدد آليات تحد من الخسائر التراكمية قائلاً: سعيا إلى تعزيز مستوى ثقة
أصحاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية في سوق مسقط للأوراق المالية أفرد القانون
الجديد أحكاما خاصة لحماية رأسمال الشركة المساهمة العامة ضمانا للمتعاملين مع تلك
الشركات وحماية للمستثمرين فيها حيث ألزم القانون مجلس إدارة الشركة أن يتخذ
الإجراءات الكفيلة بحماية رأس المال في وقت مبكر دون انتظار تراكم الخسائر لتصل إلى
نسبة 75% من رأس المال كما هو معمول به في السابق، حيث إن المشرع ألزم المجلس أن
يتخذ الإجراءات المناسبة في حالة وصول نسبة تآكل رأسمال الشركة إلى 25% تدارك الوضع.
وإذا لم تحقق إجراءات المجلس النتائج المرجوة في المحافظة على رأسمال الشركة
واستمرار عملية تآكل رأس المال وبلوغه نسبة 50% فقد ألزم المجلس بدعوة الجمعية
العامة إلى الانعقاد للنظر فيما آلت إليه الشركة لبحث المشكلة والخروج بالإجراءات
والحلول المناسبة على أن تنعقد الجمعية خلال 30 يوما على الأكثر من تاريخ تحقق
المجلس من نسبة الخسارة، وحماية لحقوق المستثمرين والمتعاملين في الشركة التي تعاني
من تآكل في رأس مال أجاز النص القانوني للهيئة المبادرة إلى دعوة الجمعية العامة
غير العادية للشركة في حالة إخلال مجلس الإدارة عن القيام بالدعوة للجمعية.
وإيمانا من المشرع بالدور الذي يجب أن تلعبه الهيئة في حماية مصالح المساهمين
والمتعاملين مع الشركة والدائنين فقد أجاز القانون في حالة قيام الشركة بالإضرار
مصالحهم اتخاذ العديد من التدابير الاحترازية منها ما يصل إلى حل مجلس الإدارة
وتعيين مجلس إدارة مؤقت لإزالة أسباب الخطر أو منع الشركة من مزاولة بعض أغراضها
حتى زوال أسباب الخطر أو منـــع الشركـــة من مزاولة كل أغراضها لمدة محددة يجوز
تمديدها لحـــين زوال أسباب الخطر أو الضرر.
تنظيم الجمعيات العامة للشركات المساهمة
وفيما يتعلق بالمعالجات التي تضمنها حول انعقاد الجمعيات أوضح الرئيس التنفيذي
بقوله: تأكيدا لمبدأ الثقة في حماية مصالح المتعاملين مع الشركات فقد أجاز القانون
الجديد للمساهمين ـ بالإضافة الى الحقوق العديدة التي منحها القانون للمساهمين ـ
الذين يملكون نسبة لا تقل عن (5%) التقدم إلى الهيئة لاستصدار قرار بوقف قرارات
الجمعية العامة للشركة الصادرة إضرارا بهم، على أن يراعى في ذلك الطلب الإجراءات
والمواعيد التي حددها القانون.
ونظرا لما تمثله الجمعيات العامة للشركات المساهمة العامة من أهمية باعتبارها
السلطة العليا التي يتخذ من خلالها القرارات الحاسمة في مصير الشركة وإيمانا من
المشرع بأهمية تفعيل دور هذه الجمعيات فقد حظر القانون بصيغته الجديدة على النائب
الذي يتم توكيله بالحضور والتصويت على مقررات الجمعية العامة أن يكون نائبا عن أكثر
من مساهم إذا كانت النسبة التي يملكونها تتجاوز نسبة 5% من رأس المال. وفي ذات
السياق، حظر القانون على أعضاء مجلس الإدارة أن يكونوا نائبين عن المساهمين في حضور
الجمعيات العامة، وتأتي هذه المعالجات التنظيمية بهدف الحد من الظواهر التي أفرزها
التطبيق السابق في تمركز التمثيل في حضور الجمعيات العامة والتصويت على مقرراتها
لدى فئة بسيطة من الحضور وفي بعض الأحيان يكون ذلك التمركز لدى أعضاء مجلس الإدارة
وبهذا يضفي القانون نحو تحرير القرارات التي تتخذ من الجمعية العامة من مركزية
التصويت وتتيح الفرصة لمزيد من المشاركة في توجيه مسار الشركة.
وأعطى القانون الهيئة صلاحية التفتيش على الشركات المساهمة العامة والشركات التابعة
لها في أي وقت بمراقبة مدى التزامها بأحكام القانون حسب جدول زمني تضعه الهيئة، كما
أتاح القانون الجديد للشركاء والمساهمين التقدم بخطاب مكتوب للهيئة يتضمن الطلب
بتفتيش على الشركات التي يساهمون فيها إذا كان لديهم من الأدلة الجدية بوجود
مخالفات. وحدد القانون الإجراءات والخطوات التي يجب على الهيئة القيام بها اتجاه
ذلك الطلب وما يستجد عنه من نتائج.
وأوضح سعادته أنه بالنسبة لشركات المساهمة العامة تم الغاء القيمة الإسمية حيث
ستلتزم الشركات بالاعلان عن رقم محدد لتوزيعات الارباح مثال ذلك 50 بيسة لكل سهم،
موضحا ان القانون يتيح تأسيس شركة مساهمة عامة منذ البداية دون الحاجة لتأسيسها في
شكل مختلف وتحويلها في مرحلة لاحقة.
القانون
وفقاً لآخر تعديل - قانون الشركات التجارية رقم (4) لسنة 1974
مرسوم
سلطاني رقم 18 لسنة 2019 بإصدار قانون الشركات التجارية
“اقتصادية
الشورى” تناقش مشروع قانون الشركات التجارية