جريدة الوطن الإثنين 13
مايو 2019 م - ٧ رمضان ١٤٤٠ هـ
ومضاتٌ من قانون الجزاء رقم:(7 /2018) (الجزء الرابع عشر) (جريمة إخفاء أشياء
متحصلة من جريمة)
(الوطن) بالتعاون مع الادعاء العام
بتاريخ 11 يناير 2018م، طالعتنا وسائل الإعلام المختلفة، بمرسومٍ سُلطانيٍّ سَامٍ،
رقم:(7 /2018) بإصدارِ قانون الجزاء، وقضى المرسوم في مادته الثانية بإلغاء قانون
الجزاء العُمَاني (القديم) رقم:(7 /1974)، وإلغاء كلّ ما يخالف أحكامه، أو يتعارض
معه. هذا، وبالنظر إلى أن القانون الماثل أكَّدَ صراحةً، في مادته الخامسة على مبدأ
عدم الاعتِداد بعذر الجهل بالقانون، كما هو حال القوانين قاطبةً، فإن (المجتمع
والقانون)، وتنفيذًا لرسالتِها التوعويَّة، أخذت على عاتقِها مسئولية تبصيرِ العامة
بأهم أحكام هذا القانون، لاسيَّما تلك التي وسَّعَ فيها المشَرِّع من نطاقِ التجريم،
أو لم تكُن أصلاً مجرَّمة.
نورد تاليًا الجزء (الرابع عشر) من أهم تلك الومضات ..
ـ استعرضنا في الحلقاتِ الخمس الفائِتة، الباب (الحادي عشر) من القانون، وهو الباب
المخصَّص للجرائِم الواقعة على الأموال، تناولنا خلالها الفصول الأربعة التالية:
السَّرقة وابتزاز الأموال، ثم الاحتيال، فجرائم الشيكات، التي خصّصنا لها حلقتين
مُعززتين بموقفِ القضاء العُماني تجاه بعضِ المسائِل الخلافية لنقف في الحلقة
المنصرمة عند جريمة إساءة الأمانة، أمَّا الحلقةُ الماثِلة سنستعرضُ من خلالِها
جريمة (إخفاءُ الأشياء المتحصِّلة من جريمة).
فلقد نصَّ المشرِّع في المادة (364) على الآتي بيانه:(يعاقب بالسَّجن مدَّة لا تقل
عن شهر، ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن (100) ريال عُماني، ولا تزيد على (500)
ريال عُماني، كلُّ من أخفى أموالاً أو أشياء متحصلة من جريمة، مع علمه بذلك).
ـ للوهلة الأولى، قد يبدو أن ذلك الشَّخص الذي يخفي مُتحصِّلات جريمةٍ ما، مع علمِه
بأمرِها، بمنأى على الإثم الجنائي، على اعتبار أنه لم يقترف ماديَّات الجريمة
الأصلية، سرقةً كانت أو احتيال، أو إساءة أمانة، أو غيرها من الجرائم الواقعة على
الأموال، بشكلٍ عام غير أن الخوض في أعماق ذلك الفعل، يكشف لنا أن ذاك الفاعل، لا
يقل خطورةً عن مُقترف الجريمة الأصلية وهو الأمر الذي جعل المشرع يعدّه مُقترفًا
لجريمةٍ مُستقلةٍ، لا مجرّد شريكًا في الجريمة الأصلية وأفرد له عقوبة مُغلَّظة،
تصل إلى السَّجن لمدة سنة شريطة أن يثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، بأن الجاني كان
عالماً، علمًا يقينيًا بأن تلك الأموال أو الأشياء التي أخفاها، كانت مُتحصِّلة من
جريمة.
ـ وفي الطعن رقم:(333 /2014)، الدائرة الجزائية، بتاريخ 18 نوفمبر 2014م، أكَّدت
المحكمة العليا، في أمر علم المتهم بكون الأشياء التي يتعامل معها مُتحصِّلة من
جريمة، بالبيان التالي:(لما كان ذلك، وكان الطاعن يدفع بانقضاء علمه، ولما كان
العلم هو العنصر المعنوي للجريمة، باعتبار أن النية الجرمية لا تقوم بغير علم
الجاني، وحيث أن النية أمر مستور في ضمير الفاعل، في كثيرٍ من الجرائم؛ ولكن،
المحكمة تستشفَّه من وقائع وقرائن وأدلَّة الدعوى، وهو ثابتٌ في حق الطاعن في ظروف
وملابسات الدعوى، إذ لا ينكر واقعة بيعه الأغنام لصالح (…) أو حادثة إعطائه اسمًا
غير اسمه، والقول بأن ذلك كان مزاحًا، لا يستقيم وظروف الواقعة، لأن الواقعة واقعة
معاملة (بيع وشراء) بين شخصين، لا يعرفان بعضهما، وهي واقعة تقتضي ذكر الاسم
الحقيقي، كما أن الطاعن لم يقدّم تبريرًا مقنعًا لدخول الأغنام في حيازته، ليتصرَّف
فيها، مُدَّعيًا أنه اشتراها دون أن يقدّم دليلاً على واقعة الشراء إذ انتهت
المحكمة إلى ما انتهت إليه، فقد أصابت صحيح القانون، الأمر الذي يتعيَّن معه القضاء
برفض الطعن موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
ـ وتنفيذًا لسياسةِ تشجيعِ المتَّهمين على عدم الإنغماس أكثر في فعلتِهم المجرَّمة
وإفساح مجال العُدول أمامهم، فلقد أشار المشرِّع صراحةً، في المادة (365) إلى
الإعفاء من العقوبة المشار إليها في المادة (364) من هذا القانون، إذا بادر الجاني
بإبلاغ السُّلطات المختصة عن الجريمة التي تحصلت منها الأموال أو الأشياء، وعن
مرتكبيها قبل الكشف عنها.
فإذا حصل الإبلاغ بعد الكشف عن الجريمة، جاز للمحكمة إعفاؤه من العقوبة، متى أدّى
الإبلاغ إلى ضبط أيٍّ من الجناة أو كشف عن جرائم أخرى.
مرسوم
سلطاني رقم 7 / 2018 بإصدار قانون الجزاء
ومضاتٌ من
قانون الجزاء رقم (7/2018) الجزء الخامس