جريدة الوطن
- الأثنين 16 ديسمبر 2019م
زاوية قانونية : الأحوال الشخصية (172) الحضانة (2)
لقد اعتنى الإسلام بالإنسان عناية
فائقة، وكان له سبق التكريم والفضل من بين سائر المخلوقات، يقول الله تعالى في
كتابه العزيز:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ
خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
فالإنسان منذ نعومة أظفاره، تكفل له الشريعة الإسلاميّة من يقوم برعايته والعناية
به والقيام على شئونه والسهر عليه والاطمئنان على راحته وإعداده دينياً وخلقياً
وجسدياً، ذلك أنّ الإنسان في هذه المرحلة ــ مرحلة الطفولة ــ عاجز عن القيام
بشؤونه.
وقد أسند الشارع تربية الطفل إلى أبويه مادامت الحياة الزوجيّة قائمة بينهما، فهما
أولى بالرعاية له والعناية به، لشفقتهما عليه، والحرص على تهذيبه وتعليمه وتربيته
التربية الصالحة ليسعد بهما في دنياه، فعن الحارث بن النعمان، قال: سمعت أنس بن
مالك يُحدّث عن النّبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنّه قال:(أكرموا أولادكم وأحسنوا
أدبهم).
وعن عقبه ابن عامر قال: سمعت رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ يقول:(من كان له
ثلاث بنات، فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن، وكساهن من جدته، كنّ له حجاباً من النّار
يوم القيامة).
وإذا كان الإسلام ألزم الأبوين تربية الطفل والعناية به والمحافظة عليه حال القيام
الزوجيّة، فإنه بعد انهيارها أولى بالرعاية والعناية منهما أو من يقوم مقامها.
والحضانة مع ما فيها من المحافظة على الطفل، والقيام بشئونه ومتطلباته الحياتية،
فهي إذا مسؤولية كبرى على الآباء والمربين مراعاة حقها.
ولما كان حنو الطفل ــ وهو في سن الرضاعة ــ وميله إلى أمّه أكثر من أيّ إنسان آخر،
كان من الطبيعي أن تكون هي أولى بحضانته، فهي لا تقدم له اللبن فحسب بل الأمومة
والعطف والحنان، فهي أكثر شفقة عليه من غيره، وأحرص على العناية به، تسهر لسهره،
وتتألم لمرضه، وتحزن لفراقه.
وقد حفظ الإسلام للأم هذا الجهد والعناء، فأوجب لها على ولدها من البِّر والإحسان
أكثر ممّا أوجبه للأب ففي حديث أبي هريرة قال، قال رجل: يا رسول الله أيّ النَّاس
أحقُّ مني بحسن الصحبة؟ قال ــ صلى الله عليه وسلم ــ :(أمُّك)، قال: ثم مَن؟
قال:(أمُّك)، قال: ثم مَن؟ قال:(أمُّك)، قال: ثم مَن؟ قال:(أبوك).
وبعد حضانة الأم يأتي دور الأب ليكمل مسيرة الحضانة من تربية وتعليم وتهذيب، فيغرس
في الطفل ــ منذ نعومة أظفاره ــ حب الإسلام، ويُنشئه على الاخلاق الفاضلة،
ويُعوّده على الآداب الحميدة والخصال الرفيعة، فيكون ولداً صالحاً، نافعاً لأسرته،
مُخلصاً لمجتمعه.
.. وللحديث بقية.
النظام الأساسي وفقًا
لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم (101/ 96) بإصدار النظام الأساسي للدولة
مرسوم سلطاني رقم 32/97 بإصدار قانون الأحوال الشخصية