الشبيبة - الثلاثاء - 7 مايو 2013 الموافق 25 جمادى
الثاني 1434 هـ
خبراء المحاكم يؤكدون...تأخير مهمتنا يبطيء حسم الدعاوي
مسقط ـ مديحة بنت محمد المعولية
أكد خبراء المحاكـــم أن بطء حسم الدعاوى والتأجيل المتكرر للقضايا يعود الى عدم
تعاون الجهات المعنية بالدعاوى القضائيـــة والمتمثل في عدم استجابتها لدعوات
الاجتماع وتقديم المستندات المطلوبة للخبير مما يدفع الى تأخير إصدار الخطابات بحيث
تصدر قبل موعد الجلسة المحددة بأسبوع مما لا يعطي الخبير الفرصة لإعداد التقرير في
الوقت المحدد.
مشيرين الى أن الخبرة القضائية من أهم الإجراءات المساعدة للقضاء والتي يأمر بها
القاضي للظروف الخاصة.
وأوضح نائب رئيس المحكمة العليا خليفة الحضرمي أن الخبرة أضحت من مستلزمات الفصل في
أغلب الخصومات المقامة أمام القضاء.
فهي تعد من طرق الإثبات التي نص عليها القانون الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 88
/2008م وهي إحدى الوسائل التي يلجأ إليها القاضي في الكثير من القضايا المدنية
والتجارية العمانية وحتى الدعاوى الجزائية، بهدف الوصول إلى المعلومة الضرورية للبت
في مسألة فنية وليست قانونية بمعنى قانوني: انها وسيلة لا تهدف إلى إثبات أو نفي
حالة ما ولكنها وسيلة لتقييم عنصر الإثبات في الدعاوى وهي تتقرر بناء على طلب
الخصوم أو من تلقاء نفس القاضي.
واضاف الحضرمي ان القضاء يسعى إلى أن تكون العلاقة بين المؤسسة القضائية والخبرة
علاقة تسودها الثقة. التي يجب أن تقوم على أسس من المصداقية والنزاهة والعدالة
ونقترح في هذا الإطار إصدار بطاقة للخبير أو رخصة و تعيينهم كموظفين حكوميين .
من جانبه أكد مدير دائر شؤون الخبراء بوزارة العدل سالم السعدي: ان ما يؤخر مهمة
الخبير في العادة هو عدم تعاون الأطراف المعنية معه وعدم الاستجابة لدعواته
للاجتماع أو عدم تقديم المستندات المطلوبة في أسرع وقت ممكن وهو ما يؤدي في النهاية
إلى البطء في حسم الدعاوى بالتأجيل المتكرر للقضايا لحين حصول المحكمة على تقرير
الخبير ، هذا فضلا عن الزيادة في نفقات المتقاضين ، وهو ما لا يمنع المحكمة من
المواجهة بالحزم والصرامة لكل من تسوّل له نفسه التسبب في تأخير سير الدعاوى وفق
المقتضيات القانونية التي تؤطر سير أعمال الخبرة أمام المحاكم.
عناوين الوكلاء
أوضح خبير جدول عصام الأبياري : أن من المشاكل التي تواجه الخبير أحيانا هي عدم
تضمين عناوين وأرقام هواتف الأطراف ووكلائهم الامر الذي يؤدي إلى التأخير في
الاتصال بالأطراف لبدء المأمورية وهذا الأمر ليس من صالحنا نحن الخبراء لأن ذلك
يعطل أعمالنا وأشغالنا .
أما الخبير سعيد المهدي فيقول : أمناء المحاكم يتعاملون معنا كخبراء بما لايتناسب
مع كوننا مساعدي العدالة، والسبب عدم وجود غرف مخصصة للاطلاع على ملفات القضايا
التي تعرض على الخبير ، كذلك عدم وجود وقت لدى أمين السر لمقابلة الخبير وتسهيل
اطلاعه على الملف.
وأضاف في كل دعوى هناك مدع وهذا في غالب الأحيان يتعاون و يقدم المستندات المطلوبة
، اما المدعى عليه فيتعمد التأخير والتعطيل بعدم الحضور رغم استدعائه ويقدم الحجج
ويطالب بوقت لتقديم مستندات.
فنجد أيضا أن بعض الجهات الحكومية لا تقل عن هؤلاء في ذلك فهي غير متعاونة في تسهيل
مهمة الخبير رغم ما تضمنه القانون عن التعاون مع الخبراء.
تسليم التقارير
واوضح الخبير القانوني عماد الأسيوطي : نتفاجأ من بعض المحاكم تسأل عن التقرير وقد
تم تسليمه لأمين السر منذ فترة وندرك بعد ذلك أن الأمين لا يقوم بحفظه في ملف
الدعوى مما يؤدي إلى فقد التقرير بين الاوراق.
واضاف يتم تقدير أمانة الخبير عن طريق المحكمة وفي حالة طلب الخبير زيادة الاتعاب
لا تستجيب المحكمة له.
وأكد أن طلب صرف الأتعاب بالطريقة الحالية هو استعطاف للقيام بالصرف وتحرير الشيك
ولا بد من إيجاد آلية جديدة للصرف بطريقة لا تهين الخبير وذلك بعمل رقم مستفيد لدى
وزارة المالية (خاصة أن الخبراء حاليا خاضعون للضريبة) أو تحويل الأتعاب إلى حسابات
الخبراء لدى البنك.
الخبرة القضائية
من جانبه أوضـــح مدير دائر شؤون الخبراء بوزارة العدل سالم الســـعدي: أن الخبرة
القضائية تعد من أهم الإجراءات المساعدة للقضاء والتي يأمر بها القاضي في ظروف خاصة
وشروط معينة بقصد إجراء تحقيق في مسائل فنية، لا يمكن للمحكمة أن تبت في النزاع
المعروض عليها دون توضيح بعض المسائل أو النقاط الفنية البحتة من الأشخاص ذوي
المعارف الخاصة كي تستطيع الحكم فيها بارتياح وعن قناعة تامة.
جهود الوزارة
وحول جهود وزارة العدل في مجال الخبرة القضائية يذكر السعدي أن وزارة العدل سعت
بالتعاون مع الجهات المختصة الحكومية والخاصة إلى إحاطة القضاة بمختصين من الخبراء
ليتمكن القضاء من الاستعانة بهم لاستجلاء اللبس والغموض المحيط بالمسائل التقنية
والفنية موضوع الخبرة حتى يتسنى البت في الدعاوى المعروضة أمام المحاكم انطلاقا مما
هو ثابت علميا ويحقق العدالة المرجوة.
لائحة الخبراء
واضاف: لقد حددت اللائحة هؤلاء الخبراء بأنهم خبراء الدائرة (وهم موظفون فنيون
بدائرة شؤون الخبراء بالوزارة)، وخبراء الجدول (وهم موظفون متخصصون ذوو خبرات في
الشركات والمؤسسات الاستشارية في القطاع الخاص)، وخبراء الجهة (وهم موظفون متخصصون
في القطاع الحكومي والخاص)، وغيرهم ممن ترى المحكمة الاستعانة بهم. حيث تحرص
الوزارة على أن يكون هؤلاء الخبراء على درجة كبيرة من الإلمام بمتطلبات الخبرة
المطلوبة فنيا وعلميا وتقنيا، حتى يكون تقرير الخبرة الفنية المطلوب إنجازه منسجما
ومتكاملا ويعطي صورة حقيقة عن النزاع المطروح.
ويضيف: ومع تعاظم دور الخبرة المطلوبة أمام المحاكم وأهميتها كنتيجة حتمية لظهور
وتطور مجموعة من الأنشطة الاقتصادية والتقنية التي يتعذر على القاضي الإحاطة بها
بمفرده والفصل في المجالات المرتبطة بها بمعزل عن مساعدة فنية أو تقنية من ذوي
الاختصاص، فإن دواعي الاستعانة بالخبراء في تزايد مستمر ولا يمكن الاستغناء عنهم
وتعويضهم بأي إجراء آخر حرصا على حسن سير العدالة.
لذا فإن الوزارة مستمرة في تلقي طلبات القيد في جدول الخبراء من أصحاب التخصصات
الفنية التي تحتاجها المحاكم كالمتخصصين في مجال الاستشارات الهندسية بمختلف فروعها،
والمحاسبة والتدقيق المالي وغيرها من التخصصات الفنية الأخرى وذلك وفق شروط محددة
منها ما يتعلق بوجوب توفر الخبرة العملية التي لا تقل عن خمس سنوات بعد الحصول على
المؤهل الدراسي في مجال التخصص وأن يكون من غير العاملين في الحكومة.
واجبات الجهات المعنية
وعن واجب الجهات الحكومية والخاصة في السلطنة تجاه الخبرة التي تطلبها المحاكم ذكر
السعدي: نصت المادة (96) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية بأن «على كل
وزارة أو وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة والشركات والجمعيات والمؤسسات وغيرها
أن تيسر للعاملين لديها من الخبراء القيام بما كلفتهم به المحكمة»، كما نصت المادة
(95) على أنه «لا يجوز لأية وزارة أو وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة أو شركة
أو جمعية أو مؤسسة أو أي من الأشخاص الطبيعية أو المعنوية الامتناع بغير مبرر
قانوني عن اطلاع أهل الخبرة الذين تستعين بهم المحكمة على ما يلزم».
واجبات الخبير
وعن واجبات الخبير الذي تستعين به المحكمة يقول : تم تصنيف هذه الواجبات إلى ثلاثة
أنواع وهي الواجبات القانونيـة والواجبات الفنيـة، أما الواجبات القانونيـة وتتمثل
في الحيادية والأمانة والموضوعية وعدم تجاوز حدود المأمورية الواردة بحكم الإحالة
أو الانحراف في أدائها عن الغاية منها وإنجاز المأمورية في الموعد المحدد وعدم
التأخير في إيداع التقرير لتجنب التطويل في أمد النزاع وتقديم التقرير للمحكمة بما
توصل إليه بعد اجتهاده وبحثه حتى لو لم يتعاون معه الأطراف مع توضيح ذلك للمحكمة
وتحرير محضر يشتمل على ما قام به بالتفصيل وأقوال الذين سمعهم و أخذ توقيعاتهم
واحترام مبدأ المواجهة بين الخصوم أو قاعدة الحضورية وقيام الخبير بالمهمة بنفسه،
وإن كانت تجوز له الاستعانة بغيره عند الاقتضاء في حالة التصريح له من قبل المحكمة.
والواجبات الفنيـة تتمثل في مراعاة الخبير للأصول الفنية والعلمية عن طريق البحث
المعمق وعدم الاكتفاء بالبحث السطحي، وعليه الرجوع إلى الوسائل العلمية أو الفنية
الحديثة والقيام بالمعاينة الميدانية للانتهاء إلى تبني وجهة نظر صائبة وعدم
الاكتفاء بالأوراق المقدمة أو التركيز على مجرد أقوال الخصوم أو الشهود وتقديم
تقرير وافٍٍ وغير مختصر بحيث يتضمن الأوجه التي استند إليها وعول عليها واللجوء إلى
استشارة فني مختص فـــي الأحوال التي تقتضي ذلك، أما واجبات الخبير بعد تنفيذ
المأمورية وتتمثل في الامتثال لما تأمر به المحكمة بعد إيداع التقرير، لان مهمة
الخبير لا تنتهي بإيداع التقرير، فقد تعيد المحكمة المأمورية إلى الخبير لتدارك بعض
أوجه القصور التي شابت تقريره لتمحيص اعتراضات الخصوم ورد أصول المستندات إلى
الخصوم. وكذلك المستندات التي سلمت إلى الخبير من قبل المحكمة وعدم إفشاء الأسرار
المهنية التي اطلع عليها أثناء تأدية المهمة (كالأسرار التجارية، والخصوصيات الطبية
غيرها).
أهمية الخبرة
وكان نائب رئيس المحكمة العليا خليفة بن محمد الحضرمي قد أوضح في ورقة عمل حول
العلاقة بين المؤسسات القضائية والخبراء: «إن مقولة (لا توجد دعوة دون خبرة) تؤكد
أن الخبرة أضحت من مستلزمات الفصل في أغلب الخصومات المقامة أمام القضاء».
فهي تعد من طرق الإثبات التي نص عليها القانون الصادر بمرسوم السلطاني رقم 88
/2008م وهي إحدى الوسائل التي يلجأ إليها القاضي في الكثير من القضايا المدنية
والتجارية العمانية وحتى الدعاوى الجزائية ، بهدف الوصول إلى لمعلومة ضرورية للبت
في مسألة فنية وليست قانونية بمعنى قانوني: أنها وسيلة لا تهدف إلى إثبات أو نفي
حالة ما ولكنها وسيلة لتقييم عنصر الإثبات في الدعاوى وهي تتقرر بناء على طلب
الخصوم أو من تلقاء نفس القاضي.
سلطة تقديرية
واكد الحضرمي في ورقته أن للقاضي سلطة تقديرية في الاستعانة بالخبرة الفنية لكنها (ليست
سلطة مطلقة) لأن ذلك يقتصر على التحقيق في مسائل فنية التي لا يستطيع الإلمام بها،
عندها يجب أن يكون التحقيق الفني ضروريا للفصل في موضوع النزاع.
فإذا لم يكن ضروريا فإن اللجوء للخبرة يكون غير جائز وذلك يستلزم بذل الجهد من قبل
المحكمة في مدى الحاجة الضرورية إلى خبرة الفنية حتى لا يؤدي مثل ذلك تأخر القضايا،
وهذا يعني ايضا أن رفض القاضي إجراء الخبراء يجب أن يكون مبررا تحت رقلبة المحكمة
العليا.
وهذا يجرنا إلى فكرة أخرى وهي (عدم إساءة استعمال السلطة) من قبل القاضي في اللجوء
للخبرة كما سلف القول (إنها تكون في حالة الضرورة) لأنها طريق استثنائي للوصول إلى
حقيقة بدليل المادة (82) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية والتي
تنص «للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم ان تستعين بأهل الخبرة في
واقعة معينة في الدعوى أو إبداء رايهم فيما يرد فيها من مسائل فنية أو متخصصة دون
المسائل القانونية».
والمادة (84) من قانون الإثبات العماني تنص: «إذا اتفق الخصوم على اختيار خبير أو
أكثر أقرت المحكمة اتفاقهم وإلا اختارت المحكمة المقبولين أمامها ما لم تقض بغير
ذلك ظروف خاصة، وعليها حينئذ أن تبين هذه الظروف في المحكمة» فلا يجوز التوسع في
هذا الاستثناء حتى لا ندخل في الكثير من الإشكالات كإطالة امد التقاضي أو دفع
النفقات أو المصاريف غير الضرورية والتي قد تعيق سير العدالة أكانت عن طريق
المساعدة القضائية أومن قبل الخصوم أنفسهم.
وحتى يفهم الخبير ايضا أن هناك شيئا يقتضي بحثه غير واضح للمحكمة، أما إذا كان
واضحا فمن الغبن الخوض فيه مما قد يؤكد عدم ثقة بين الخبير والمحكمة . ناهيك عن
حياد الخبير!!
مساعدا للقاضي
واكد الحضرمي أن الخبير في مثل هذه الحالة يبقى مساعدا للقاضي، في إيضاح الحقيقة.
فالخبرة بهذه الحالة لا تكسب الخصوم حقا لأن الحق يكتسب بالحكم الذي يصدره القاضي
وهذه إحدى أنوع العلاقة بين المؤسسة القضائية.
مرسوم سلطاني رقم 68/2008 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية
مرسوم
سلطاني رقم 88/2008 في شأن هيئة تنازع الاختصاص والأحكام