جريدة الوطن الأحد 17 مايو
2020 م - ٢٣ رمضان ١٤٤١ هـ
آثار
انتقال العمالة بين الشركات على الاقتصاد الوطني الأسرار التجارية
هناك محاولات مستمرة
من فترة إلى أخرى إلى إلغاء المادة 11 من قانون الإقامة بالمرسوم السلطاني رقم
(16/95).
هذا الموضوع يثار من وقت لآخر كلما وجد سبباً أو مدخلاً أو ثغرة لإثارته. إن ظهور
جائحة كورونا كوفيد 19 المستجدة جاء لنبش الغبار عن هذا الموضوع من جديد وهذه
الظاهرة الإستثنائية التي جاءت دون سابق إنذار لتجثو على نفوس البشر في أنحاء الارض
ولم تُثن أحداً جاءت لكي ترسى شواهد وقواعد في مجالات شتى.
يهمنا في هذا الموضوع كيف كان لجائحة كورونا كوفيد 19 إبراز هذا الموضوع من جديد –
موضوع هل العمالة المتوفرة في السلطنة زائدة أم ناقصة. وإن كانت زائدة فأي العمالة
زائدة وبالمقابل أي عماله ناقصة، وما هو تعريف العمالة الزائدة.
وكلمة زائدة أي زائدة عن حاجة السوق المحلي على أرض السلطنة.
والسؤال المطروح عن نوع هذه العمالة الزائدة على أرض السلطنة وهل هناك دراسة دقيقة
عن أنواعها وأنماطها وما هي جنسياتها وكيف تُقنن وتُحدد للوصول إلى السوق المحلي
فعلاً دون زيادةً أو نقصان ومن هنا حين ثار هذا الموضوع مدعوماً بضغوط أصحاب
المصلحة في إثارته بصرف الرأي العام إلى توجيه اللوم أن الجائحة أفرزت ظهور العمالة
الزائدة وهنا يكمن الجواب ما هي العمالة الزائدة التي أفرزتها جائحة كورونا أو قل
هو ما يركن إليه أصحاب المصلحة لخلط الحابل بالنابل لاستغلال عنصر الجائحة في موضوع
العمالة الزائدة والتصيد في الماء العكر والآن نحن في أمس الحاجة إلى تقنين العمالة
أو العمالة الزائدة.
لم اسمع يوماً أن هناك عمالة زائدة في مجال الطب أو التخصصات الطبية أو في مجال
التخطيط والهندسة بأنواعها أو المستشارين في التخصصات العديدة أو في المهن العليا.
ما أسهل أن نركن إلى إصدار قرار إلغاء المادة (11) من قانون الإقامة مرتكنين إلى
كلمة عامة وهي عمالة زائدة دون التمحيص في واقع العمالة الزائدة.
تؤكد الدراسات الاقتصادية أن نمو أي اقتصاد في حاجة إلى كثافة سكانية وعمالة ماهرة
تركن إليها الصناعات في مجالاتها المتعددة.
منذ أن تم تطبيق وتنفيذ المادة (11) من قانون الإقامة الصادر بالمرسوم السلطاني
السامي 16/1995 والتي نصت على: حظر منح تاشيرة دخول للعامل الأجنبي الذي سبق له
العمل في السلطنة وذلك لمدة سنتين من آخر مغادرة له ما لم يحصل على رسالة عدم
ممانعة من الكفيل الأول ممانعة صريحة لا لبس فيها، أدى تطبيق هذه المادة إلى
استعادة الأسواق أستقراراً عملياً وأخذت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خاصة في النمو
دون مطبات. تبدأ القلاقل في المؤسسة التي يعمل فيها الأجنبي وخاصة إذا كان ذلك
الموظف يقف على مهام هامة في المؤسسة أو الشركة أو لديه تحت يده أسرار العمل
ومقاليد النجاح لها.
المتنفذون من الشركات والمؤسسات وخاصة التي ظاهرها أنها شركات ومؤسسات وطنية
وباطنها من التجارة المستترة تسعى دائماً إلى إسقاط هذه المادة ولهم أعوانهم
وأياديهم في كل موقع وذلك إما للاستفادة من إسقاط هذه المادة او تعويمها بحيث يكون
تطبيقها إما غير ملزم أو غير واضح التطبيق وذلك لإدخال السوق العُماني في بلبلة
لاضعافه وجعله سوقاً غير مستقر.
ويأتي تأكيد دور شرطة عُمان السلطانية لتحقيق صحة تطبيق نص المادة (11) حيث أكدت
ضرورة حضور صاحب العامل أو صاحب الشركة السابق إلى مركز خدمات الجوازات والإقامة
للتحقق والتأكد من عدم ممانعته من عودة العامل الأجنبي إلى السلطنة إلى المؤسسة
التي طلبته لما رأته من وجود تحايل في حالات عديدة.
إن تطبيق المادة 11 في المرسوم السلطاني رقم (16/1995) أنعش الوضع الاقتصادي في
السلطنة من خلال ايجاد ضابط استقرار للعمل وحماية سوق العمل في السلطنة من خلال عدم
السماح لتنقل العمالة من موقع لآخر لتجنب الإضرار بمصالح المؤسسات والشركات التي
تبنتهم وصرفت الكثير ودرستهم وأهلتهم لهذه الأعمال وبمجرد أن وضعوا أيديهم وثبتوها
انقلبوا عليها وبمجرد طلب الموظف إنهاء خدمته من عمله لرغبته في الانتقال إلى عمل
في مقر شركة أخرى بمجرد حصول العامل على ميزة صغرت أو كبرت لدى أي مؤسسة أو شركة.
إن مثل هذه الممارسات غير قانونية وغير اخلاقية بل سلوك وإبتزاز لأصحاب المؤسسات
والشركات وصل حده إلى تهديد مصالح العديد من المؤسسات والشركات من خلال التلاعب في
الإنتقال من مؤسسة الى أخرى مما يضطر لصاحب المؤسسة إلى دفع مزيد من الأموال لهذه
العمالة لإبقائها معه خشية تعرض أعماله ونشاطه التجاري إلى الإنهزام والخسارة
الفادحة.
إن استقرار الشركات والمؤسسات دلالة على صحة مسار اقتصاد الوطن، فإن إنتقال الوظائف
وخاصة الوظائف الهامة في المؤسسات والشركات لتتحكم العمالة الوافدة بأسرار العمل
التجاري وخطط نجاح المؤسسات تجعل صاحب العمل يرضخ راغماً لقبول دفع المزيد من
الأموال لاسترضاء هذه العمالة لإبقائها حفاظاً على مكتسبات شركته أو مؤسسته. إن
القضايا المثارة في المحاكم وما أصدرته المحاكم من أحكام توضح للقارئ أهمية التمسك
بهذه المادة ولولا استمرار تطبيقها لهدمت شركات ومؤسسات وأصحاب أعمال. لقد وصل
الحال بكثير من العمال في طلب زيادة مرتباتهم كل ستة أشهر وكلما سنحت له فرصة
الإبتزاز لا يتردد في تنفيذها وهكذا يظل صاحب الشركة أو حتى الأفراد عالقين في
أمرين القبول ودفع المزيد أو الخنوع والبحث عن عامل آخر ليقوم مقام من ترك العمل.
ثم بعد ذلك يظل الحال لتدور العجلة من جديد لأن السوق أصبح بيد العمالة مفتوحا
للرعي.
ان الذرائع التي سيقت لتبرير المناداة بالغاء المادة أو تعديلها هي ذرائع كالذي قال
كلمة حق يُراد بها باطل وهو تدمير الاقتصاد من باب واسع. إن المناداة بإلغاء المادة
(11) من قانون الإقامة ارتكاناً إلى حقوق الإنسان إذاً فإن الإنسان العُماني صاحب
المصلحة الأولى وهو أولى بحمايته من الغير. نأمل من كل المؤسسات التي لها دور في
هذا القرار في عدم الغاء هذه المادة التي كان لها الدور الفاعل في استقرار سوق
العمل وتعافى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص وأن تقف حائلاً دون اتخاذ
أي قرار يحول دون تنفيذ هذه المادة حماية للاقتصاد الوطني.
إن الشركات والمؤسسات التي تعمل تحت غطاء العمالة المستترة تعمل جادة لإلغاء المادة
(11) من قانون الإقامة محتجين ومرتكنين إلى حجج التقارير الدولية: تقرير الاتجار
بالبشر 2019م ومنظمة حقوق الانسان 2018م مؤشر الاستعباد العالمي 2018م.
(كل هذه التقارير لا تخدم الاقتصاد العماني وما هي إلا أبواق تهديد، وقرار الدولة
يجب تحصينه وعدم التأثير عليه وهذه التقارير هي حجج باطلة لم تراع سيادة القرار،
لأن وجود هذه المادة (11) يدعم استقرار الاقتصاد وتطمئن أصحاب الأعمال على أسرار
أعمالهم وثبات استمرار نجاح شركاتهم ومؤسساتهم والحقيقة أن معظم الضرر الذي سيقع
إذا تم إيقاف هذا القرار سينصب على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لأن معظم طلبات
الانتقال من وإلى كفيل آخر تنصب في نسبته في هذه الفئات من الشركات وهذا على خلاف
توجه الدولة في دعم نجاح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ان الاحتجاج بطلب الغاء المادة (11) واعتباره مؤشرا يعيق تنافسية السلطنة حسب
استبيان المنتدى الاقتصادي الدولي يعد إسفيناً يدق في مصالح الشركات والمؤسسات
الوطنية.
إن إلغاء المادة (11) من قانون الإقامة يعد تخريباً للاقتصاد وليس مؤشراً تنافسياً
فلم نعرف أو نسمع أن التبارى في انتقال العمالة من موقع إلى آخر يعد مؤشر تنافس بل
هو معول هدم تقف خلفه أيادي تعطيل عجلة الاقتصاد..
إن اللعب بالمفردات السطحي دون التغلغل في فهم معناها يضع المعنى في كلمة حق يراد
بها باطل ولكن هذه ليست كلمة حق بل هي كلمة باطل مغلفة بباطل أكبر.
ومن الآثار السلبية لإلغاء قرار المادة 11- من قانون الإقامة.
1- تفكيك أهم آلية حماية سوق العمل.
2- ضبط وإيقاف الممارسات الخاطئة للعمالة الوافدة التي تمارسها على الشركات
بانتقالها من موقع إلى آخر وماتشكله من خطر في عدم استقرار سوق العمل.
3- الإلمام بأسرار وأعمال الشركة السابقة والتي يلزم حمايتها بكل الطرق القانونية.
4- حماية الأسرار والمعلومات وعملاء الشركة حتى لا تنتقل إلى الشركات الأخرى.
5- الإلغاء سيخل حتماً باستقرار الأسواق ويؤثر سلباً على توفير الضمانات واستقرار
سوق العمل لدى المؤسسات والشركات والأفراد.
6- الإلغاء سيؤثر سلباً على الأمن الاجتماعي بالنسبة للوظائف الصغرى.
7- تعطيل جهود الدولة لدعم ومساندة المؤسسات الصغيرة والكبيرة باعتبارها ركيزة تقدم
الاقتصاد الوطني التي تمثل القطاع الأكبر في أسواق السلطنة. وإذا كانت العمالة
الوافدة تتمركز في هذه الفئات وهو نطاق تحركها وتمركزها فإن إلغاء المادة (11) من
قانون الإقامة يأتي متعارضا مع جهود ومساندة الدولة لهذا القطاع وبالتالي احباط
لهذا القطاع الهام.
8. إلغاء المادة (11) من قانون الإقامة يتعارض مع توجهات جهات حريصة على اقتصاد
الدولة وهي أعلم بمبررات وجودها مؤمنة بأهمية ضبط وتنظيم سوق العمل وتحقيق مبدأ
العدالة والإنصاف للجميع العامل وصاحب العمل.
الالنظام الأساسي وفقًا لآخر
تعديل - مرسوم سلطاني رقم (101/96) بإصدار النظام الأساسي للدولة
القانون وفقًا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم 16 لسنة 1995
بإصدار قانون إقامة الأجانب
اللائحة وفقًا لآخر تعديل -
قرار المفتش العام للشرطة والجمارك رقم 63 لسنة 1996 م بإصدار اللائحة التنفيذية
لقانون إقامة الأجانب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 16 لسنة 1995 م