جريدة أثير الأحد 17 يناير
2021 م - ٤ جمادى الأخرة ١٤٤٢ هـ
ما مفهوم
الحبس الاحتياطي، وكم تكون مدته؟
دائمًا ما نسمع في بعض
الأخبار المتعلقة بالقضايا كلمة “الحبس الاحتياطي”، وفي هذه الزاوية القانونية عبر
“أثير” نوضح مفهومه وأحكامه وفقًا للقانون العماني.
في البداية يُعرف الحبس الاحتياطي بأنه إجراء من إجراءات التحقيق، وهو رخصة خوّلها
المشرع للادعاء العام كجهة تحقيق، وتلك الرخصة ليست مطلقة، لكن وُضِعت لها ضوابط
نُصّ عليها في المادة 53 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه :
“إذا اقتضت مصلحة التحقيق الابتدائي بعد استجواب المتهم منعه من الفرار أو التأثير
في سير التحقيق جاز لعضو الادعاء العام أن يصدر أمرا بحبسه احتياطيا. ولا يجوز
الأمر بالحبس الاحتياطي إلا إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقبا عليها بالحبس”.
ويجوز أن يشمل أمر الحبس إضافة إلى البيانات الواردة في المادة (49) من هذا القانون
تكليف القائم على إدارة المكان المخصص للحبس مثول المتهم ووصفه فيه مع بيان مادة
القانون المنطبقة على الواقعة.
وبقراءة نص المادة سالفة الذكر قراءة متأنية يتبين لنا عدة نقاط:
أولا: نص المادة بدأ بكلمة “إذا” وهي أداة شرط، فإذا تحقق الشرط لزم الإجراء،
والشرط بمقتضى المادة المذكورة هو مصلحة التحقيق؛ إذًا الأمر جوازي لسلطة التحقيق
تبعًا لمقتضيات مصلحة التحقيق.
ثانيا : لا يجوز لعضو الادعاء العام أن يأمر بحبس المتهم احتياطيًا في أي جريمة،
وإنما لا بد أن تكون الواقعة محل الاتهام تشكل جناية أو جنحة يُعاقَب عليها بالسجن.
ثالثا: أوجب المشرّع ضرورة مراعاة بيانات جوهرية نصّ عليها تحديدًا بموجب المادة 49
من ذات القانون التي تنص على أنه: يجب أن يكون أمر القبض مكتوبًا ومؤرخًا وموقعًا
ممن أصدره مع بيان صفته، ويُبين فيه اسم المطلوب القبض عليه، ومحل إقامته، وكل ما
يلزم لتعيينه، وسبب الأمر بالقبض، وإذا لم ينفذ الأمر خلال ثلاثة أشهر من تاريخ
صدوره فإنه يسقط ولا يجوز تنفيذه بعد ذلك إلا بأمر كتابي جديد .
وعلى مأمور الضبط القضائي القائم بتنفيذ أمر القبض أن يخطر به الشخص المطلوب القبض
عليه، وأن يبلغه فورا بأسباب القبض ويكون لهذا حق الاتصال بمن يرى إبلاغه
والاستعانة بمحامٍ.
إضافة إلى ذلك لا بد أن يشتمل أمر الحبس على تكليف القائم على إدارة المكان المخصص
للحبس بمثول المتهم ووضعه فيه، مع بيان مادة القانون المنطبقة على الواقعة .
تلك هي البيانات الجوهرية والضوابط الأساسية التي أوجبها المشرع في أمر الحبس
الاحتياطي، وردت تفصيلا ودون لبس أو غموض في جميع فقراتها. وفضلا عن ذلك فإن الأمر
بالحبس الاحتياطي ليس أبديًا ولا مطلقا من حيث المدة الزمنية، لكنه أيضا محدد
بضوابط ومواعيد محددة، ورد النص عليها تفصيلا في نص المادة 54 من ذات القانون التي
تنص على أنه : الأمر بالحبس الاحتياطي الصادر من الادعاء العام يكون لمدة سبعة أيام
يجوز تجديدها لمدد أخرى أقصاها ثلاثون يوما، ولعضو الادعاء العام في جرائم الأموال
العامة والمخدرات والمؤثرات العقلية أن يصدر أمرا بحبس المتهم احتياطيًا لمدد لا
تتجاوز في مجموعها خمسة وأربعين يومًا.
وإذا رأى عضو الادعاء العام مد الحبس الاحتياطي بعد ذلك وجب قبل انقضاء المدة عرض
الأمر على محكمة الجنح لتصدر أمرًا بمد الحبس الاحتياطي لمدة لا تزيد على خمسة عشر
يومًا قابلة للتجديد بحد أقصى ستة أشهر. وإذا أحيل المتهم إلى المحكمة فلها مد
الحكم الاحتياطي لمدة لا تزيد على خمسة وأربعين يوما ويجوز تجديدها لمدد أخرى وإلا
وجب الإفراج عن المتهم في جميع الأحوال.
وعليه؛ نجد أن المشرّع وضع مددا محددة، ولم يجعل الحبس الاحتياطي طليقا من قيد
المدد الزمنية المنصوص عليها كي لا يتحول الحبس الاحتياطي من إجراء من إجراءات
التحقيق إلى عقوبة فعلا ينفذها المتهم دون صدور حكم عليه من دائرة قضائية مختصة،
وهو العيب الذي تبرأ منه قانون الإجراءات الجزائية العماني.
ومن إجمالي ما تقدم يتبيّن بوضوح وجلاء أن الحبس الاحتياطي -وفق الضوابط والضمانات
التي نصت عليها العديد من المواد التي تناولت هذا الموضوع- يُعدّ إجراءً من إجراءات
التحقيق، ورخصة خولها المشرّع لعضو الادعاء العام الهدف منها قد يكون:
– الحفاظ على المتهم نفسه من أن يقع فريسة لانتقام أهل المجني عليه في بعض قضايا
الدم والقضايا المتعلقة بالشرف.
– منع تأثير المتهم على الشهود في القضية المحبوس على ذمتها.
– أن يكون المتهم تحت سلطة التحقيق؛ ضمانًا لسرعة إنهاء إجراءات التحقيق.
وطالما أن الأمر له ضوابط موضوعية محددة بموجب مواد القانون التي تناولت هذا
الموضوع فلا يعدو أن يكون الحبس الاحتياطي مجرد إجراء من إجراءات التحقيق، ولا
يُعدّ عقوبة في حق المتهم؛ إذ إن التحقيق ينتهي إما بالحفظ أو بالإحالة إلى المحكمة
المختصة.
مرسوم سلطاني رقم (6) لسنة
2021 بإصدار النظام الأساسي للدولة
مرسوم سلطاني رقم 9/ 2012 بشأن المجلس الأعلى للقضاء
المرسوم وفقاً لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم 97 لسنة 1999 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية