جريدة عمان الأربعاء
9 يونيو 2021 م - ٢٨ شوال ١٤٤٢ هـ
التعمين يصطدم بالتحايل واستغلال الثغرات في القوانين
التحايل على القوانين
والالتفاف عليها إحدى المشكلات التي تواجه جهود التعمين في القطاع الخاص وحتى في
بعض الجهات الحكومية.
شركات تمارس الكثير من الأساليب ليبقى التعمين لديها «صوريًا» تستغل السماح بتغيير
المهنة التي يجري تعمينها إلى مهنة أخرى قريبة منها ويبقى الموظف الوافد يؤدي
المهام الوظيفية المعمنة تحت مسمى آخر، بينما تثار مشكلة بين الفينة والأخرى أن بعض
المؤسسات الحكومية أوكلت مهمة توفير موظفين للعمل لديها إلى شركات عالمية لا تتوانى
في البحث عن أيد عاملة رخيصة حتى تضمن الحصول على أعلى قدر من الأرباح.
وتتعدد صور التحايل على القوانين والقرارات المتعلقة بالتعمين وهو ما أرجعه خبراء
اقتصاديون وقانونيون إلى وجود ثغرات في القوانين تدفع تلك المؤسسات إلى استغلالها،
كما أن بعض شركات القطاع الخاص لا تزال تنظر إلى أن الوافد أكثر توافقًا مع مصالحها
فيما يتعلق بالتكلفة وجوانب أخرى متخلية عن مسؤوليتها الاجتماعية.
وشددوا في استطلاع لـ عمان على ضرورة سد الثغرات التي تتعارض مع سياسات التعمين ،
وأن يجري التوظيف مباشرة من قبل وزارة العمل أو من خلال الجهات التي تتوفر لديها
فرص وظيفية حسب الشروط والمعايير المطلوبة لكل وظيفة. كما أنه من الضروري إيجاد
بيئة قانونية منظمة لشركات التوظيف وتكون الاستعانة بهذه النوعية من الشركات فقط
عند عدم توفر أشخاص لديهم الإمكانيات والشروط المطلوبة.
وأكدوا أنه من المهم وضع توصيف لكل الوظائف في القطاعين العام والخاص، والتفاوض مع
القطاع الخاص لوضع سلم وظيفي في القطاعات المعمنة.
وقال أيمن بن أحمد الشنفري، مدير الجمعية العمانية للأوراق المالية إن شركات
التوظيف الحالية كان لها تأثيرات واضحة غير إيجابية على سوق العمل، ولم تسهم في
توفير الفرص الوظيفية للمواطنين، إذ أسهمت في منح هذه الفرص إلى جزء كبير من
الوافدين والأجانب ، ويعود ذلك إلى عدم وجود إطار تنظيمي ورقابي واضح لعمل هذا
النوع من الشركات.
وأوضح الشنفري أن شركات التوظيف لتحصل على أكبر قدر من الأرباح تغيّر مسار التوظيف
في كثير من الوظائف التخصصية أو التي تحتاج إلى مؤهلات عليا، وتحولها إلى شريحة
أخرى من غير المواطنين، إذ استقدم عدد كبير من الوافدين من مختلف الدول في كثير من
الوظائف المتوفرة بالسلطنة. حيث توفر بعض الشركات بالتعاقد مع الجهات التي لديها
فرص عمل وظيفية بأجور مرتفعة، وتقوم شركات التوظيف بدورها باستقدام قوى عاملة وافدة
ومنحهم رواتب أقل من التي تتقاضاها من الجهة التي وفرت الوظيفة، ويظهر ذلك جليًا في
الكليات والجامعات والمدارس الخاصة والمؤسسات الطبية وبعض المؤسسات التخصصية
المختلفة.
وأرجع الشنفري أسباب تعيين شركات التوظيف قوى عاملة غير عمانية هو الحصول على ربح
أكبر مما لو تم تعيين مواطنين عمانيين، كما أن القائمين على العمل في إدارات بعض
منشآت القطاع الخاص هم شريحة الوافدين الأجانب التي تقوم باستقطاب موظفين وعاملين
من جنسياتها واستبعاد الباحثين عن عمل العمانيين؛ لذا يجب على أي شركة تزاول أعمال
التوظيف أن تكون معمنة وبها مواطنون بنسبة 100% ويكون هدفها الأول توفير فرص عمل
للمواطنين بالدرجة الأولى وإذا لم تتوفر ينظر في الجنسيات الأخرى.
كما اقترح الشنفري عدة حلول لوقف هذه الممارسات منها إصدار وزارة العمل تعميمًا لكل
مؤسسات القطاعين العام والخاص بعدم استقبال معاملات تعيين لديها من خلال شركات
التوظيف لحين إصدار قرارات وتعاميم أخرى لاحقا تنظم شروط التعامل مع مؤسسات التوظيف
الداخلية والخارجية. إضافة إلى أن يكون التعيين الجديد مباشرًا من خلال وزارة العمل
أو من خلال الجهات التي تتوفر لديها فرص وظيفية حسب الشروط والمعايير المطلوبة لكل
وظيفة، حسب الاحتياج الفعلي لها.
وأكد أن شركات التوظيف عليها العمل وفق إطار تنظيمي واضح لدى وزارة العمل وتحت
إشراف ورقابة لمهامها لتسهم في عملية الإحلال بشكل منظم. كما يجب على وزارة العمل
إيجاد بيئة قانونية منظمة لشركات التوظيف بما يتناسب مع أوضاع ومتطلبات التوظيف
بالسلطنة، وتكون الاستعانة بهذه النوعية من الشركات فقط عند عدم توفر أشخاص لديهم
الإمكانيات والشروط الوظيفية المطلوبة بشكل عام. ويتطلب من جميع المؤسسات والشركات
الاستعانة بوزارة العمل بشكل مباشر وعدم اللجوء إلى مثل هذه الشركات إلا بتوفير
وظائف تخصصية جدا غير متوفرة في السوق المحلي.
بند الخدمات
وأكد المهندس أحمد بن سالم السيابي، مؤسس منصة مجيد للتوظيف الإلكتروني في حديثه
لبرنامج « أخباركم» في تلفزيون سلطنة عمان أن عملية التحايل على قوانين التعمين
والإحلال هي ليست حديثة أو وليدة اللحظة، وإنما هي تاريخية كانت تستغلها المؤسسات
الحكومية تحت بند الخدمات، إذ يجري تحت هذا البند توقيع عقد مع شركة استشارية في
إدارة الموارد البشرية، ولكنها تتكفل بتوفير كوادر وطنية ووافدة لهذه المؤسسات.
مشيرًا إلى أن هذه الشركة في إطارها القانوني لا تتعارض مع قانون وزارة الخدمة
المدنية وقانون وزارة العمل. وقال : إن الكثير من المؤسسات الحكومية وظفت مهندسين
وأطباء تحت هذا النمط مستغلين بذلك بعض الثغرات في القوانين. إذ إن المؤسسات
الحكومية التي لا تحصل على درجات مالية من وزارة المالية في ذلك الوقت يتم التعاقد
مع شركة توظيف لتوفير كوادر وطنية أو وافدة، بحيث تقوم المؤسسة الحكومية بدفع رواتب
هؤلاء الموظفين لشركة التوظيف، ثم تقوم الشركة بدورها بدفع الراتب إلى الموظفين
بأجور أقل من المبلغ الذي دفعته الوزارة؛ أي تتقاضى هذه الشركات ثلاثة أضعاف الراتب
الذي يتقاضاه الموظف.
وأوضح السيابي أن التحايل على نسب التعمين المحددة في كل قطاع في منشآت القطاع
الخاص يتم أيضا عن طريق شركات التوظيف، فحين تتجاوز المنشأة نسب التعمين فيها،
وترغب في توظيف أيدٍ أجنبية تلجأ إلى هذه الشركات.
وقال: إن غياب الرقابة على شركات التوظيف أدى إلى استغلالها لحاجة المؤسسات
الحكومية ومنشآت القطاع الخاص.
التجارة المستترة
وقال سرحان بن سليمان المحرزي، محامٍ: تواجه خطة الحكومة في إحلال وتعمين الشباب
العماني في القطاع الخاص معارضة من قبل عدد من أصحاب الأعمال تحت تبريرات مختلفة
منها عدم وجود الكفاءات الوطنية، ولكنها في الأغلب تعود لانخفاض أجور القوى العاملة
الوافدة مقارنة بالقوى الوطنية الأمر الذي يحقق للشركات والمؤسسات أرباحًا أعلى.
موضحًا أن أصحاب العمل يتحايلون على قرارات التعمين التي تصدرها وزارة العمل وخاصة
الشركات التي أسندت إدارتها للوافدين، وفي قطاع الخدمات والبيع بالتجزئة الذي ينتشر
فيه ما يسمى بالتجارة المستترة.
وأكد المحرزي أن وزارة العمل والجهات المعنية بمتابعة توظيف الشباب العماني عليها
حصر عددٍ من العاملين الوافدين في المهنة المطلوب تعمينها وعدد المؤسسات والشركات
التي يعملون بها، وألا تسمح بتغيير مهن العمال من المهنة والوظيفة التي تم تعمينها
إلى مهنة أخرى، كما حصل في بعض المهن من تغيير مهنة بعض المحاسبين إلى محلل مالي أو
غيرها..
وطالب المحرزي المسؤولين الذين يتابعون مراقبة تطبيق قرارات التعمين التيقظ
والانتباه وخاصة فيما يتعلق بطلبات التراخيص الجديدة التي تأتي من أصحاب الأعمال
الذين جرى حصرهم والذين لديهم الوظائف والمهن المستهدفة بقرارات الإحلال والتعمين
بحيث تحد الوزارة من استحداث وظائف جديدة غير معمنة في شركاتهم ومؤسساتهم.
وقال المحرزي إنه بالإمكان الحد من تلك الممارسات عبر التنسيق بين الجهات المعنية
ذات العلاقة مثل إدارة الهجرة في شرطة عمان السلطانية، ووزارة التجارة بحيث تخطر
وزارة التجارة وزارة العمل عند إضافة أي نشاط تجاري يتضمن وظائف مطلوب تعمينها
لتتابع الأخيرة توظيف كوادر وطنية لشغل الوظائف الجديدة.
توصيف الوظائف
أوضح لؤي بطاينة، خبير اقتصادي، أن الهدف من إحلال المواطنين محل الوافدين في
القطاع الخاص هو إيجاد فرص عمل لهؤلاء الشباب بطرق مختلفة سواء بالتدريب والتعليم
أو من خلال التدرج في السلم الوظيفي أو من خلال استقطاب كفاءات وطنية من جهات
مختلفة سواء بالقطاعين العام أو الخاص في المهن الطبية أو الهندسية وغيرها.
وأرجع بطاينة السبب الرئيسي في التحايل على بعض قرارات التعمين هي شركات التوظيف
التي تعتمد عليها الجهات الحكومية ومنشآت القطاع الخاص التي تجلب أيادي وافدة بسبب
التكلفة المنخفضة أو سهولة التعامل معها.
وقال بطاينة : إن من المهم وضع توصيف لكل الوظائف في القطاعين العام والخاص،
والتفاوض مع القطاع الخاص لوضع سلم وظيفي للوظائف في القطاعات الهامة وخاصة قطاع
النفط والغاز، وقطاع البنوك وهي القطاعات المرغوبة لدى الشباب العمانيين.
وأكد بطاينة أن القطاع المصرفي من القطاعات التي يحتذى به في عملية الإحلال وتطبيق
قرارات التعمين، إذ تبلغ نسبة التعمين فيه أكثر من 90% وهذا يعود إلى الإشراف
المباشر من البنك المركزي العماني، إضافة إلى وجود شباب مؤهلين من الكليات
المختلفة. مشيرا إلى أن هناك العديد من القطاعات التي من المفترض تقوم باستقطاب
الكفاءات الوطنية مثل قطاع اللوجستيات والثروة السمكية، والسياحة وغيرها، وتطوير
هذه القطاعات بالشكل الأمثل حتى تكون ناجحة ومتطورة.
ودعا بطاينة الجهات المختصة إلى دعم الشباب لافتتاح مشروعاتهم الخاصة من تقديم
الحوافز المادية والضريبية وإسناد مناقصات حكومية. كما طالب بتدريب الشباب في جميع
القطاعات الأمر الذي يسهم على المدى البعيد في أن تكون التكلفة منخفضة، وذات قيمة
مضافة ومستدامة.
المرسوم وفقاً لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم 35/2003 بإصدار
قانون العمل
المرسوم
السلطاني وفقا لآخر تعديل - مرسوم سلطاني رقم 98/ 2011 بإنشاء الهيئة العامة لسجل
القوى العاملة وإصدار نظامها
34 % نسبة التعمين.. القوى
العاملة الوطنية في المدن الصناعية ترتفع إلى 61,213 عاملاً